للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: ولم أر في شيء من الأخبار أن سمرة كان واليًا لعمر على شيء من أعماله، إلا أن ابن الجوزيّ أطلق أنه كان واليًا على البصرة لعمر بن الخطاب، وهو وَهَمٌ، فإنما ولي سمرة على البصرة لزياد، وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر، وولاة البصرة لعمر قد ضُبِطُوا، وليس منهم سمرة.

ويَحْتَمِل أن يكون بعض أمرائها استَعْمَل سمرةَ على قبض الجزية. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: عندي في توهيم ابن الجوزيّ فيما ذكره من كون سمرة واليًا لعمر -رضي الله عنهما- نظرٌ، وليس كونه واليًا لزياد وابنه أن يكون قبل ذلك واليًا لعمر -رضي الله عنه-، ولا يكون مجرّد عدم ذكره في ولاة عمر حجة في ذلك؛ لاحتمال أن يكونوا نسوه، فتأمل، والله تعالى أعلم. (فَقَالَ) عمر -رضي الله عنه-: (قَاتَلَ اللهُ سَمُرَةَ) -رضي الله عنه- (ألَمْ يَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ) أي: أبعدهم من رحمته، وطردهم من رأفته (حُرِّمَتْ) بتشديد الراء مبنيًّا للمفعول (عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ) أي: أكلها، وإلا فلو حُرِّم عليهم بيعها لم يكن لهم حيلة فيما صنعوه من إذابتها (فَجَمَلُوهَما) -بفتح الجيم والميم-؛ أي: أذابوها، يقال: جمله يجمُله جَمْلًا، من باب نصر، وأجمله: إذا أذابه، واستخرج دهنه، وجَمَل ثلاثيًّا أفصح من أجمل رباعيًّا، والجميل الشحم المذاب (٢).

(فَبَاعُوهَا") أي: الشحوم المذابة من الخمر.

قال في "الفتح": ووجه تشبيه عمر -رضي الله عنه- بيع المسلمين الخمر ببيع اليهود المذاب من الشحم الاشتراك في النهي عن تناول كل منهما، لكن ليس كل ما حُرِّم تناوله حُرِّم بيعه، كالحمر الأهلية، وسباع الطير، فالظاهر أن اشتراكهما في كون كلٍّ منهما صار بالنهي عن تناوله نجسًا، هكذا حكاه ابن بطال عن الطبريّ، وأقرّه، وليس بواضح، بل كل ما حُرِّم تناوله حُرِّم بيعه، وتناول الحُمُر، والسباع، وغيرهما مما حُرِّم أكله، إنما يتأتى بعد ذبحه، وهو بالذبح


(١) "الفتح" ٥/ ٧٠٠ - ٧٠١.
(٢) راجع: "لسان العرب" ١١/ ١٢٧.