المجلس فليس كما قال، فإن الشافعيّ وأصحابه وغيرهم متفقون على جواز الصُّوَر التي ذكرتها، والله أعلم. انتهى (١).
٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله: "مثلًا بمثل" على بطلان البيع بقاعدة مُدّ عَجْوَة، وهو أن يبيع مُدَّ عَجْوة ودينارًا بدينارين مثلًا، وأصرح من ذلك في الاستدلال على المنع حديث فَضَالة بن عُبيد الآتي عند مسلم بعد بابين في ردّ البيع في القلادة التي فيها خَرَزٌ وذهب، حتى تُفَصَّل، وفي رواية أبي داود: فقلت: إنما أردت الحجارة، فقال:"لا حتى تميّز بينهما".
٤ - (ومنها): ما قاله ابن بطّال رحمه الله: في هذا الحديث حجة للشافعيّ في قوله: إن من كان له على رجل دراهم، ولذلك الرجل عليه دنانير فلا يجوز أن يقاصّ أحدهما ماله بما له عليه، وإن كان قد حَلّ أجلهما جميعًا؛ لأنه يدخل في معنى نهيه -صلى الله عليه وسلم- بيع الذهب بالورق دينًا؛ لأنه غائب بغائب، وإذا لم يجز غائب بناجز، فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب، وأجاز ذلك مالك إذا كان قد حَلَّا جميعًا، فإن كانا إلى أجل لم يجز؛ لأنه يكون ذهب بفضة متأخرًا.
وقال أبو حنيفة: يجوز في الحالّ وغير الحالّ، والحجة لمالك في إجازته ذلك في الحال دون الأجل أنه إذا حلّ أجل الدين، واجتمع المتصارفان فإن الذمم تبرأ كالعين إذا لم يفترقا إلا وقد تفاضلا في صرفهما، والغائب لا يحل بيعه بناجز، ولا بغائب مثله، ومن حجته حديث ابن عمر أنه قال:"كنت أبيع الإبل بالبقيع أبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ بالدنانير، فسألت رسول الله عن ذلك فقال: "لا بأس به إذا كان بسعر يومكما، ولم تفترقا وبينكما شيء". رواه سماك بن حرب عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر.
وحجة من أجاز ذلك في الحال وغير الحال أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لما لم يسأله عن الدين أحالّ هو أم مؤجل، دلّ ذلك على استواء الحكم فيهما، ولو كان بينهما فرق في الشريعة لوقفه عليه.
وأما تقاضي الدنانير من الدراهم، والدراهم من الدنانير من غير دين يكون على الآخر، فأجازه عمر بن الخطاب وابن عمر، وروي عن عطاء،