وطاوس، والحسن، والقاسم، وبه قال مالك، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال كثير منهم: إذا كان بسعر يومه، ورخّص فيه أبو حنيفة بسعر ذلك اليوم وبأغلى وأرخص، وكَرِه ذلك ابن عباس، وأبو سلمة، وابن شبرمة، وهو قول الليث، ورُوي عن طاوس قول ثالث: أنه كَرِه في البيع، وأجازه في القرض، وقال ابن المنذر: والقول الأول أولى؛ لحديث ابن عمر.
قال: ولا يدخل هذا في نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الذهب بالورق دينًا؛ لأن الذي
يقتضي الدنانير من الدراهم لم يقصد إلى تأخير في الصرف، ولا نواه، ولا عَمِل عليه، فهذا الفرق بينهما. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): قال ابن قُدامة رحمه الله: الربا على ضربين: ربا الفضل، وربا النسيئة، وأجمع أهل العلم على تحريمهما، وقد كان في ربا الفضل اختلاف بين الصحابة، فحُكي عن ابن عباس، وأسامة بن زيد، وزيد بن أرقم، وابن الزبير -رضي الله عنهم-؛ أنهم قالوا: إنما الربا في النسيئة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ربا إلا في النسيئة"، رواه البخاريّ، والمشهور من ذلك قول ابن عباس، ثم إنه رجع إلى قول الجماعة، رَوَى ذلك الأثرم بإسناده، وقاله الترمذيّ، وابن المنذر، وغيرهم، وقال سعيد، بإسناده عن أبي صالح، قال: صحبت ابن عباس حتى مات، فوالله ما رجع عن الصرف، وعن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس قبل موته بعشرين ليلة عن الصرف؟ فلم ير به بأسًا، وكان يأمر به، والصحيح قول الجمهور؛ لحديث أبي سعيد الخدريّ: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال:"لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تُشِفُّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفّوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائبًا بناجز"، ولحديث أبي سعيد -رضي الله عنه- أيضًا في قضة بلال -رضي الله عنه- المذكور في الباب، مُتّفقٌ عليهما، قال الترمذيّ رحمه الله: على حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- العملُ عند أهل العلم، من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم، وقولُ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "لا ربا إلا في