للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إشكالٌ، ويكثر السؤال عنها، أحببنا إيضاحها لمن يُشكل عليه حقيقتها، فمن تلك المشكلات أربع صور من المعاملات نذكرها، ونبيّن حكمها:

[الأولى]: مسألة التورّق، والتورّق هو أن يشتري الإنسان السلعة بثمن مؤجّل، لا لذات السلعة، وإنما ليبيعها على غير بائعها عليه، وينتفع بثمنها، والراجح من قولي العلماء جوازها؛ لأن الأصل في الشرع حلّ جميع المعاملات، وأنه لا يحرم منها إلا ما قام الدليل على تحريمه، وأنه لا يُعلم حجة شرعيّة تمنع من هذه المعاملة، بل عموم الحديث المتّفق عليه، من حديث أبي سعيد الخدريّ، وأبي هريرة -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلًا على خيبر، فجاءه بتمر جَنيب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكُلّ تمر خيبر هكذا؟ " قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تفعل، بِعِ الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جَنيبًا" يدل على جوازها.

[الثانية]: البيع بالتقسيط، وهذا البيع من البيوع المنتشرة في عصرنا انتشارًا كبيرًا، وكثر التعامل به، واحتاج الناس إليه في شراء مراكبهم، وتأثيث منازلهم، والحصول على حاجاتهم، وضروراتهم، وصفته أن يشتري السلعة من التاجر بثمن مؤجّل مقسّط، زائد على ثمنها لو عُجّل حال الشراء، فيستفيد الطرفان -البائع والمشتري- فالبائع يستفيد الربح من الزيادة في الثمن، والمشتري يستفيد تسهيل دفع الثمن عليه أقساطًا معلومة الأجل والمقدار، فشرط حلّها العلم بالآجال، والعلم بقدر القسط الذي يَحُلّ في كل وقت، وهو بيع جائز، لا شبهة فيه، داخل تحت قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية [البقرة: ٢٨٢].

[الثالثة]: السُّفْتَجَة:

وهي أن يكتب الإنسان لمن دفع إليه مالًا على سبيل التمليك لكي يقبض بدلًا عنه في بلد آخر معيّن، والقصد منها تفادي أخطار الطريق بنقل المال عينًا، وفي هذه الطريقة مصلحة مشتركة للطرفين، وقد اختلف العلماء في حكمها، فمنعها الحنفيّة، والشافعيّة؛ لأنها عندهم من القرض الذي جرّ نفعًا، وأجازها الحنابلة، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيميّة؛ لأنهم يرونها حوالةً، والمنفعة الحاصلة منها لا تخصّ المقرض، بل ينتفع بها الطرفان، والأصل في