المعاملات الحلّ، ولا يوجد محذور شرعيّ يمنع منها، وهي مما اضطرّ الناس إليها في هذا العصر، والأخذ باليسر، من مقاصد الشريعة.
وكان عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- في مكة، وأخوه مصعب في العراق، فكان الرجل يسلّم نقوده عبد الله، فيرسل معه ورقةً إلى مصعب، فيسلّم الرجل مثل نقوده، ولم ينكر ذلك عليهما من عاصرهما من الصحابة -رضي الله عنهم-.
[الرابعة]: تحويلات البنوك، وصورته أن يستلم البنك نقود الرجل في بلد، ويُعطيه بها شيكًا ليستلمها في بلد آخر، وقد يكون التحويل من بنك لآخر في بلد واحد، وفائدة ذلك إذا كان التحويل بين بلدين أنه مخرج حينما تمنع دولة البلد المحال إليها دخول النقود إليها، أو تمنع الدولة المحال خروج النقود منها، أو يكون في نقلها خطر، وهي شبيهة بالسفتجة، إلا أن بينهما ثلاثةَ فروق (١):
الأول: أن السفتجة لا بدّ أن تكون بين بلدين، وأما التحويل البنكيّ، فتارة يكون كذلك، وتارة يكون بين بنكين في بلد واحد.
الثاني: أن في السفتجة اتحاد جنس النقد المدفوع عند العقد، والمؤدّى عند الوفاء، وأما التحويل المصرفيّ، فلا يقتصر على هذا، فإن المصرف في أغلب الأحيان يأخذ النقود من جنس، ويكتب المصرف من جنس آخر، وهذه ليست قرضًا محضًا.
الثالث: أن السفتجة لا يؤخذ عليها أجر، أما المصرف فيتقاضى أجرًا يُسمّى عمولةً، والحنابلة، وشيخ الإسلام أجازوا السفتجة، والتحويل المصرفيّ إذا كانت العمولة بقدر أتعاب المصرف، فإنه لا يوجد مانع شرعيّ منها.
قال شيخ الإسلام: وإذا أقرضه دراهم ليستوفي منه في بلد آخر، مثل أن يكون المقترض له دراهم في ذلك البلد، وهو محتاج إلى دراهم في بلد المقرض، فيكتب المقترض ورقة إلى بلد المقترض، فقد اختلف العلماء في جوازه، والصحيح الجواز. انتهى، وكلامه يشمل السفتجة والتحويل المصرفيّ.
وقال الشيخ عبد العزيز ابن باز: إذا دعت الضرورة إلى التحويل عن
(١) قال الجامع: هذه الفروق الثلاثة محلّ نظر؛ فإنها ليست واضحة، فتأملها.