يريد: أهل المواسم، ويقال: أراد الإبل الموسومة، وَوَسَّمَ الناس توسيمًا: شَهِدُوا الموسِمَ، كما يقال في العيد: عَيَّدُوا. انتهى (١).
وقوله:(أَوْ إِلَى الْحَجِّ)"أو" للشكّ من الراوي (فَجَاءَ) ذلك الشريك (إِلَيَّ، فَأَخْبَرَني) أي: بما فعله من بيع الورق نسيئة (فَقُلْتُ: هَذَا أَمْرٌ لَا يَصْلُحُ) وفي رواية للبخاريّ: "فقلت: سبحان اللهُ أيصلح هذا؟ "(قَالَ: قَدْ بِعْتُهُ فِي السُّوقِ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيَّ أَحَدٌ) أي: فلو كان غير جائز لأنكر عليّ، وهذا ظن من ذلك الشريك أن عدم إنكار الناس عليه دليل على جوازه، وهو استدلال غير صحيح؛ لأنهم إنما لم ينكروا عليه؛ لعدم علمهم بالنهي عنه، كما علمه البراء وغيره، كما قال:(فَأَتَيْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ) -رضي الله عنهما- (فَسَأَلْتُهُ)؛ أي: عن حكم البيع الذي باعه شريكه (فَقَالَ) البراء -رضي الله عنه- (قَدِمَ) بكسر الدال (النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ) أي: مهاجرًا من مكة (وَنَحْنُ نَبِيعُ هَذَا الْبَيْعَ) أي: بيع الدرهم بالدرهم نسيئة (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَا كَانَ) "ما" موصولة مبتدأ، خبره "فلا بأس به"، وقوله:(يَدًا بِيَدٍ) منصوب على الحال بتأويل مُقَابَضَة، كما قال في "الخلاصة":
(فَلَا بَأْسَ بِهِ) أي: فلا حرج، ولا إثم فيه (وَمَا كَانَ نَسِيئَةً) أي؛ مؤخّرًا (فَهُوَ رِبًا") فيه إثبات ربا النسيئة، وهو محلّ إجماع (وَائْتِ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ) وفي رواية النسائيّ: "ثُمَّ قَالَ لِي: ائْتِ زيدَ بْنَ أَرْقَمَ"(فَإِنَّهُ أَعْظَمُ تِجَارَةً مِنِّي) وفي الرواية التالية: "فهو أعلم"، وفي رواية النسائيّ:"فإنه خيرٌ منّي، وأعلم"(فَأَتَيْتُهُ) أي: زيد بن أرقم -رضي الله عنه- (فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ) أي: مثل ما قال البراء -رضي الله عنهما-، وفي الرواية التالية:"فسألت زيدًا، فقال: سل البراء، فإنه أعلم مني، ثم قالا: نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الورق بالذهب دينًا"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.