للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مِنْ أَينَ هَذَا؟ ") وفي رواية النسائيّ: "ما هذا؟ " (فَقَالَ بِلَالٌ) -رضي الله عنه-: (تَمْرٌ) خبر لمحذوف؛ أي: هذا تمر (كَانَ عِنْدَنَا رَدِيءٌ) بالهمزة، بوزن عظيم، يقال: رَدُؤ الشيءُ بالهمز رَدَاءةً، فهو رديء، على فَعِيل؛ أي: وَضِيعٌ خَسِيسٌ، ورَدَا يَرْدُو، من باب علا لغةٌ، فهو رَدِيٌّ بالتثقيل، قاله الفيّوميّ رحمه الله (١). (فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَم النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) ولفظ البخاريّ: "لنُطعم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-" (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عِنْدَ ذَلِكَ: "أَوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا) ولفظ البخاريّ: "أَوّهْ أوّه، عين الربا" مكرّرًا، ومعنى "عين الربا" أن هذا العقد هو نفس الربا الذي حرّمه الله عزّ وجلّ، لا نظيره.

وقال النوويّ رحمه اللهُ: قال أهل اللغة: "أوّه" كلمة توجُّع وتحزُّن، ومعنى "عين الربا" أنه حقيقة الربا المحرَّم، وفي هذه الكلمة لغات: الفصيحة المشهورة في الروايات: "أَوَّهْ" بهمزة مفتوحة، وواو مفتوحة مشدّدة، وهاء ساكنة، ويقال: بنصب الهاء منونة، ويقال: "أَوْهٍ"، بإسكان الواو، وكسر الهاء منونةً، وغير منونة، ويقال: "أَوٍّ" بتشديد الواو مكسورة منوّنة، بلا هاء، ويقال: "آهٍ" بمدّ الهمزة، وتنوين الهاء، ساكنةً من غير واو. انتهى.

وقال ابن الأثير رحمه اللهُ: "أوْهْ" كلمة يقولها الرجل عند الشّكاية والتّوجع، وهي ساكنة الواو، مكسورة الهاء، وربما قلبوا الواو ألفًا، فقالوا: آهِ من كذا، وربما شدّدوا الواو، وكسروها، وسكَّنوا الهاء، فقالوا: أوِّهْ، وربما حذفوا الهاء، فقالوا: أوّ، وبعضهم بفتح الواو مع التشديد، فيقول: أوّه. انتهى (٢).

وقال ابن التين: إنما تَأوَّه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ ليكون أبلغ في الزجر، وقاله إمّا للتألُّم من هذا الفعل، وإمّا من سوء الفهم، قاله في "الفتح" (٣).

(لَا تَفْعَلْ) أي: لا تبع هذا البيع الربويّ، ولفظ النسائيّ: "لا تقربه" بفتح الراء، من باب عَلِمَ؛ أي: إنّ قُرْبَه يضرّ فضلًا عن مباشرته، وليس في هذه الرواية أنه -صلى الله عليه وسلم- أمره بردّه، ولكن الرواية التالية بيّنت ذلك، ولفظها: "هذا الربا، فَرُدّه".


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٢٥.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ١/ ١٩٥.
(٣) "الفتح" ٦/ ١٠٤.