للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المعطي: المعين عليه، وكاتبه: الذي يكتب وثيقته، وشاهداه: من يتحمَّل الشهادة بعقده، وإن لم يؤدها، وفي معناه: من حضره فأقرَّه، وإنما سوَّى بين هؤلاء في اللعنة؛ لأنه لم يحصل عقد الرِّبا إلا بمجموعهم، ويجب على السلطان إذا وقع له أحد من هؤلاء أن يُغلِّظ العقوبة عليهم في أبدانهم بالضرب، والإهانة، وبإتلاف مال الربا عليهم بالصدقة به، كما يفعل بالمسلم إذا أجّر نفسه في عمل الخمر، فإنه يتصدَّق بالأجرة، وبثمن الخمر إذا باعها، ويدلّ على صحة ما ذكرناه قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٦]؛ أي: يفسخ عقده، ويرفع بركته، وتمام المحق بإتلاف عينه. انتهى (١).

(قَالَ: قُلْتُ) السائل إبراهيم، والمسؤول علقمة، بيّن ذلك النسائيّ، فقد أخرجه في "الكبرى" (٦/ ٣٠٦) من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: قلت لعلقمة: أقال عبد الله: لَعَنَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه؟ قال: آكل الربا، وموكله، قلت: وشاهديه، وكاتبه؟ قال: إنما نُحَدِّث بما سمعنا. انتهى.

(وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؟) يعني هل كان في الحديث لعن كاتبه، وشاهديه؟ وإنما سأل عنه لأنه مذكور في حديث عبد الله -رضي الله عنه- في رواية غير علقمة، كما سأبيّنه.

(قَالَ) علقمة (إِنَّمَا نُحَدِّثُ) بالبناء للفاعل (بِمَا سَمِعْنَا) أي: من ابن مسعود -رضي الله عنه-، يعني أنه لم يسمع منه إلا قوله: "لعن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- آكل الربا، وموكله" فقط، فلا يُحدّث إلا بالذي سمعه منه، وقد سمعه غيره، فقد أخرج الحديث الترمذيّ، والنسائيّ، وابن ماجه، من طريق سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن ابن مسعود، قال: "لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه"، قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المفهم" ٤/ ٥٠٠.
(٢) إنما صححه الترمذيّ مع أن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود مختلف في سماعه من أبيه؛ لأنه لم ينفرد به، فقد رواه الحارث الأعور، عن ابن مسعود، عند أحمد في "مسنده؛، والحارث وإن تُكلّم فيه إلا أنه يصلح للمتابعة، وأيضًا للحديث شاهد =