للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالتدليس، قال الحافظ: ولم أره في "الصحيحين"، وغيرهما من روايته عن الشعبيّ إلّا معنعنًا، ثم وجدته في "فوائد ابن أبي الهيثم" من طريق يزيد بن هارون، عن زكريا، حدّثنا الشعبيّ، فحَصَل الأمن من تدليسه. انتهى (١).

[فائدة]: ادَّعَى أبو عمرو الدانيّ أن هذا الحديث لم يروه عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- غير النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، قال الحافظ: فإن أراد من وجه صحيح فمُسَلَّم، وإلا فقد رويناه من حديث ابن عمر، وعمّار، في "الأوسط" للطبرانيّ، ومن حديث ابن عباس في "الكبير" له، ومن حديث واثلة في "الترغيب" للأصبهانيّ، وفي أسانيدها مَقالٌ.

وادَّعَى أيضًا أنه لم يروه عن النعمان غير الشعبيّ، وليس كما قال، فقد رواه عن النعمان أيضًا خيثمة بن عبد الرحمن، عند أحمد وغيره، وعبد الملك بن عُمير عند أبي عوانة وغيره، وسماك بن حرب، عند الطبراني، لكنه مشهور عن الشعبيّ، رواه عنه جمع جَمٌّ، من الكوفيين، ورواه عنه من البصريين عبد الله بن عون، وقد ساق البخاريّ إسناده في "البيوع"، ولم يسق لفظه، وساقه أبو داود، وسنشير إلى ما فيه من فائدة -إن شاء الله تعالى. انتهى كلام الحافظ رحمه الله.

قال الجامع عفا الله عنه: رواية عبد الله بن عون هي الرواية الآتية للمصنّف بعد حديثين، وسنتكلّم عليها هناك -إن شاء الله تعالى-.

("إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ) أي: في عينهما، ووصفهما بأدلّتهما الظاهرة، قال القرطبيّ رحمه الله: يعني أن كل واحد منهما مُبَيَّن بأدلته في كتاب الله تعالى، وسنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم- تأصيلًا وتفصيلًا، فمن وقف على ما في الكتاب والسُّنة من ذلك وجد فيهما أمورًا جلية التحليل، وأمورًا جلية التحريم، وأمورًا مترددة بين التحليل والتحريم، وهي التي تتعارض فيها الأدلة، فهي المتشابهات. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "الحلال بَيِّن، والحرام بَيِّنٌ"، فمعناه: أن


(١) "الفتح" ١/ ٢٢٨ "كتاب الإيمان" رقم (٥٢).
(٢) "المفهم" ٤/ ٤٨٨.