للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"الدلائل" بما قال ابن إسحاق. انتهى (١).

(عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا) أي: تَعِبَ (فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ) أي: يطلقه، وليس المراد أن يجعله سائبة، لا يركبه أحد، كما كانوا يفعلون في الجاهلية؛ لأنه لا يجوز في الإسلام، ففي أول رواية مغيرة، عن الشعبيّ التالية: "قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتلاحق بي، وتحتي ناضح لي قد أعيا، ولا يكاد يسير"، والناضح -بنون، وضاد معجمة، ثم حاء مهملة- هو الجمل الذي يُستَقَى عليه، سُمِّي بذلك لنضحه بالماء حال سقيه، واختُلِف في تعيين هذه الغزوة، كما سيأتي بعد هذا، ووقع عند البزار من طريق أبي المتوكل، عن جابر: أن الجمل كان أحمر، قاله في "الفتح" (٢).

(قَالَ: فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-) بكسر الحاء المهملة؛ أي: أدركني، يقال: لَحِقْتُهُ، ولَحِقْتُ به أَلْحَقُ، من باب تَعِبَ لَحَاقًا بالفتح: أدركته، وأَلْحَقْتُهُ، بالألف مثله، وأَلْحَقْتُ زيدًا بعمرو: أتبعته إياه، فَلَحِقَ هو، وأَلْحَقَ أيضًا، وفي الدعاء: "إن عذابك بالكفار مُلِحَقٌ"، يجوز بالكسر: اسم فاعل، بمعنى لَاحِق، ويجوز بالفتح: اسم مفعول؛ لأن الله تعالى أَلْحَقَهُ بالكفار؛ أي: يُنْزِله بهم، وأَلْحَقَ القائفُ الولدَ بأبيه: أخبر بأنه ابنه؛ لِشَبَه بينهما يظهر له، واسْتَلْحَقْتُ الشيءَ: ادّعيته، ولَحقِهَ الثمنُ لُحُوقًا: لزمه، فاللُّحوقُ: اللزوم، والَّلحاقُ: الإدراك، قاله الفيّوميّ رحمه الله (٣).

(فَدَعَا لِي، وَضَرَبَهُ) وفي رواية للبخاريّ: "فمرّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فضربه، فدعا له"، قال في "الفتح": كذا فيه بالفاء فيهما كأنه عَقَّب الدعاءَ له بضربه، ولأحمد من هذا الوجه: "فضربه برجله، ودعا له" (فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ) وفي رواية يونس بن بُكير، عن زكريا، عند الإسماعيليّ: "فضربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودعا له، فمشى مِشْيَةً ما مشى قبل ذلك مثلها"، وفي رواية مغيرة الآتية: "فزجره، ودعا له".


(١) "الفتح" ٥/ ٦٦٤ - ٦٦٥.
(٢) "الفتح" ٦/ ٥٩٨ "كتاب الشروط" رقم (٢٧١٨).
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥٠.