غيره، فهذا شرط فاسد، يفسد به البيع، سواء اشترطه البائع، أو المشتري.
[الرابع]: اشتراط ما ينافي مقتضى البيع، وهو على ضربين:
[أحدهما]: اشتراط ما بني على التغليب والسراية، مثل أن يشترط البائع على المشتري عتق العبد، فهل يصح؟ على روايتين: إحداهما: يصح، وهو مذهب مالك، وظاهر مذهب الشافعيّ؛ لأن عائشة -رضي الله عنها-، اشترت بريرة، وشَرَط أهلها عليها عتقها، وولاءها، فأنكر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- شرط الولاء، دون العتق، والثانية: الشرط فاسد، وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد؛ لأنه شرط عليه إزالة ملكه عنه، فأشبه ما لو شرط أن لا يبيعه، وليس في حديث عائشة، أنها شرطت لهم العتق، وإنما أخبرتهم بإرادتها لذلك من غير شرط، فاشترطوا الولاء.
[الضرب الثاني]: أن يشترط غير العتق، مثل أن يشترط أن لا يبيع، ولا يهب، ولا يُعتق، ولا يطأ، أو يشترط عليه أن يبيعه، أو يقفه، أو متى نفق المبيع، وإلا ردّه، أو إن غصبه غاصب رجع عليه بالثمن، وإن أعتقه فالولاء له، فهذه وما أشبهها شروط فاسدة، وهل يفسد بها البيع؟ على روايتين:
قال القاضي: المنصوص عن أحمد: أن البيع صحيح، وهو ظاهر كلام الخرقيّ ههنا، وهو قول الحسن، والشعبيّ، والنخعيّ، وابن أبي ليلى، وأبي ثور، والثانية: البيع فاسد، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعيّ؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، نهى عن بيع وشرط، ولأنه شرط فاسد، فأفسد البيع، كما لو شرط فيه عقدًا آخر، ولأن الشرط إذا فسد وجب الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن، وذلك مجهول، فيصير الثمن مجهولًا، ولأن البائع إنما رضي بزوال ملكه عن المبيع بشرطه، والمشتري كذلك، إذا كان الشرط له، فلو صح البيع بدونه لزال ملكه بغير رضاه، والبيع من شرطه التراضي.
قال: ولنا ما روت عائشة -رضي الله عنها-، قالت: جاءتني بريرة، فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق، في كل عام أوقية، فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك، أن أَعُدَّها لهم عَدَّة واحدة، ويكون لي ولاؤك فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم: فأبوا عليها، فجاءت من عندهم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس، فقالت: إني عرضت عليهم، فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأخبرت