عائشة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال:"خذيها، واشترطي الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق"، ففعلت عائشة، ثم قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعد ما بال رجال، يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟ ما كان من شرط ليس في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحقّ، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق"، متفق عليه، فأبطل الشرط، ولم يبطل العقد، قال ابن المنذر: خبر بريرة ثابت، ولا نعلم خبرًا يعارضه، فالقول به يجب.
[فإن قيل]: المراد بقوله: "اشترطي لهم الولاء" أي: عليهم، بدليل أنه أمرها به، ولا يأمرها بفاسد.
[قلنا]: لا يصح هذا التأويل لوجهين:
[أحدهما]: أن الولاء لها بإعتاقها، فلا حاجة إلى اشتراطه.
[الثاني]: أنهم أبوا البيع، إلا أن يشترط الولاء لهم، فكيف يأمرها بما يعلم أنهم لا يقبلونه منها؟ وأما أمره بذلك، فليس هو أمرًا على الحقيقة، وإنما هو صفة الأمر، بمعنى التسوية بين الاشتراط وتركه، كقوله تعالى:{اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} الآية [التوبة: ٨٠]، وقوله:{فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا} الآية [الطور: ١٦]، والتقدير: واشترطي لهم الولاء، أو لا تشترطي، ولهذا قال عقيبه:"فإنما الولاء لمن أعتق"، وحديثهم لا أصل له، على ما ذكرنا، وما ذكروه من المعنى في مقابلة النص، غير مقبول. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال: