للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والخلف أنه يجوز قرض جميع الحيوانات، إلا الجارية لمن يملك وطأها، فإنه لا يجوز، ويجوز إقراضها لمن لا يملك وطأها، كمحارمها، والمرأة، والخنثى.

[والمذهب الثاني]: مذهب المزنيّ، وابن جرير، وداود: أنه يجوز قرض الجارية، وسائر الحيوانات لكلّ واحد.

[والمذهب الثالث]: مذهب أبي حنيفة، والكوفيين أنه لا يجوز قرض شيء من الحيوانات، وهذه الأحاديث تردّ عليهم، ولا تُقبل دعواهم النسخ بغير دليل. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).

وقال في "الفتح" ما حاصله: ذهب أكثر أهل العلم إلى جوازه -يعني استقراض الإبل ونحوه- وذهب الثوريّ، والحنفية إلى منعه، واحتجوا بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو حديث، قد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، مرفوعًا، أخرجه ابن حبّان، والدارقطني، وغيرهما، ورجال إسناده ثقات، إلا أن الحفاظ رجحوا إرساله، وأخرجه المصنّف في الباب التالي، والترمذيّ، من حديث الحسن، عن سمرة -رضي الله عنه-، وفي سماع الحسن من سمرة اختلاف، قال الحافظ رحمه الله: وفي الجملة هو حديث صالح للحجيّة.

وادَّعَى الطحاويّ أنه ناسخ لحديث الباب.

وتُعُقّب بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال، والجمع بين الحديثين ممكن، فقد جمع بينهما الشافعيّ، وجماعة، بحمل النهي على ما إذا كان نسيئة من الجانبين، ويتعيَّن المصير إلى ذلك؛ لأن الجمع بين الحديثين أولى من إلغاء أحدهما باتفاق، وإذا كان ذلك المراد من الحديث بقيت الدلالة على جواز استقراض الحيوان، والسَّلم فيه.

واعتَلّ من منع أيضًا بأن الحيوان يختلف اختلافًا متباينًا، حتى لا يوقف على حقيقة المِثلية فيه.

وأجيب بأنه لا مانع من الإحاطة به بالوصف، بما يدفع التغاير، وقد جوّز الحنفية التزويج، والكتابة على الرقيق الموصوف في الذمة. انتهى (٢).


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٣٧.
(٢) "الْفَتْحُ" ٦/ ١٩٩.