للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأنهم اشترطوا نتاج فحل معلوم. رواه سعيد، وقد رُوي عن علي -رضي الله عنه- أنه باع جملا له يُدعى عُصيفيرًا بعشرين بَعيرًا إلى أجل، ولو ثبت قول عمر، في تحريم السلم في الحيوان، فقد عارضه قول من سمينا ممن وافقنا. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (١)، وهو بحث مفيد جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): مما اختلفوا فيه أيضًا: السلم في غير الحيوان مما لا يكال، ولا يوزن: قال ابن قُدامة رحمه الله: واختلفت الرواية -أي: عن أحمد- في غير الحيوان، مما لا يكال، ولا يوزن، ولا يذرع، فنقل إسحاق بن إبراهيم، عن أحمد؛ أنه قال: لا أرى السلم إلا فيما يكال، أو يوزن، أو يوقف عليه، قال أبو الخطاب: معناه: يوقف عليه بحدّ معلوم، لا يختلف كالذرع، فأما الرمان، والبيض، فلا أرى السلم فيه، وحَكَى ابن المنذر عنه، وعن إسحاق: أنه لا خير في السلم في الرمان، والسفرجل، والبطيخ، والقثاء، والخيار؛ لأنه لا يكال، ولا يوزن، ومنه الصغير والكبير، فعلى هذه الرواية لا يصح السلم في كل معدود مختلف، كالذي سميناه، وكالبقول؛ لأنه يختلف، ولا يمكن تقدير البقل بالحزم؛ لأن الحزم يمكن في الصغير والكبير، فلم يصح السلم فيه كالجواهر، ونقل إسماعيل بن سعيد، وابن منصور: جواز السلم في الفواكه، والسفرجل، والرمان، والموز، والخضروات ونحوها؛ لأن كثيرًا من ذلك، مما يتقارب، وينضبط بالصغر والكبر، وما لا يتقارب ينضبط بالوزن، كالبقول ونحوها، فصح السلم فيه، كالمذروع، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعيّ، والأوزاعيّ، وحَكَى ابن المنذر عن الشافعيّ المنع من السلم في البيض، والجوز، ولعل هذا قول آخر، فيكون له في ذلك قولان. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول الثاني عندي أرجح؛ لإمكان ضبطها بما ذُكر، ضبطًا تقريبيًّا، وهو كاف في مثل هذا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "المغني" ٦/ ٣٨٨ - ٣٨٩.
(٢) "المغني" ٦/ ٣٨٨ - ٣٨٩.