(المسألة السابعة): في الكلام على الشرط الثاني: وهو أن يضبطه بصفاته التي يختلف الثمن بها ظاهرًا، فإن السلم فيه عوض في الذمة، فلا بد من كونه معلومًا بالوصف، كالثمن، ولأن العلم شرط في المبيع، وطريقه إما الرؤية، وإما الوصف، والرؤية ممتنعة ههنا، فتعيَّن الوصف، والأوصاف على ضربين: متفق على اشتراطها، ومختلف فيها، فالمتفق عليها ثلاثة أوصاف: الجنس، والنوع، والجودة والرداءة، فهذه لا بدّ منها في كل مُسْلَم فيه، ولا نعلم بين أهل العلم خلافًا في اشتراطها، وبه يقول أبو حنيفة، ومالك، والشافعيّ.
الضرب الثاني: ما يختلف الثمن باختلافه، مما عدا هذه الثلاثة الأوصاف، وهذه تختلف باختلاف المسلم فيه، وذِكْرها شرط في السلم عند أحمد، والشافعيّ، وقال أبو حنيفة: يكفي ذكر الأوصاف الثلاثة؛ لأنها تشتمل على ما وراءها من الصفات.
ولنا أنه يبقى من الأوصاف من اللون، والبلد، ونحوهما ما يختلف الثمن، والغرض لأجله، فوجب ذِكْره كالنوع، ولا يجب استقصاء كل الصفات؛ لأن ذلك يتعذر، وقد ينتهي الحال فيها إلى أمر يتعذر تسليم المُسْلَم فيه، إذ يبعد وجود المُسْلَم فيه عند المحل بتلك الصفات كلها، فيجب الاكتفاء بالأوصاف الظاهرة، التي يختلف الثمن بها ظاهرًا، ولو استقصى الصفات حتى انتهى إلى حال يندر وجود المُسْلَم فيه بتلك الأوصاف، بطل السلم؛ لأن من شرط السلم أن يكون المُسْلَم فيه عامَّ الوجود عند المحل، واستقصاء الصفات يمنع منه. انتهى (١)، وهو بحث نفيس. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): في الكلام على الشرط الثالث: وهو معرفة مقدار المُسْلَم فيه بالكيل، إن كان مكيلًا، وبالوزن إن كان موزونًا، وبالعدد إن كان معدودًا، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من أسلم في شيء، فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم"، متّفقٌ عليه، ولأنه عوض غير مشاهَد يثبت في