قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول الأول وهو عدم اشتراط مكان الإيفاء أرجح؛ لقوّة أدلته، كما سبق آنفًا.
هذه خلاصة ما يتعلّق بحديث:"من أسلف سلفًا، فليُسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، فهي تفريعٌ، وتفصيل لهذه الشروط المذكورة فيه، فالكلام، وإن طال إلا أن المقام اقتضى ذلك؛ لأن المقصود من الشرح إيضاح معاني الأحاديث المذكورة في الكتاب، على وجه مفيد، وهذا يكون على حسب مفاهيم الأحاديث، فبهذا أعتذر إلى من يقول لي طوّلت، وأسأمت، اللَّهم انفعنا بما علّمتنا، وعلِّمنا ما ينفعنا، وزدنا علمًا، إنك جواد كريم، رؤوف رحيم. وصلّى الله، وسلم على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رَحِمَهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:
[٤١١٢]( … ) - (حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدُّثَنَا عبد الوَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَسْلَفَ فَلَا يُسْلِفْ إِلَّا في كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ").
رجال هذا الإسناد: ستة:
١ - (شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ) الأُبُليّ، أبو محمد، صدوقٌ يَهِم، ورُمي بالقدر، من صغار [٩](ت ٢٣٦) وله بضع و (٩٠) سنة (م د س) تقدم في "الإيمان" ١٢/ ١٥٧.
٢ - (عبد الوَارِثِ) بن سعيد بن ذكوان الْعَنْبَريّ مولاهم، أبو عبيدة التَّنُّوريّ البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ، رُمي بالقدر، ولم يثبت عنه [٨](ت ١٨٠)(ع) تقدم في "الإيمان" ١٨/ ١٧٦.
والباقون ذُكروا قبله.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تم البحث فيه مستوفًى في الحديث السابق، وبالله تعالى التوفيق.