للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول الثاني أرجح؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من أسلم فليسلم في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، ولم يذكر معرفة ذلك، فلو كان لازمًا لَمَا تركه -صلى الله عليه وسلم-، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة عشرة): في اختلافهم في اشتراط تعيين مكان الإيفاء:

ذهب بعضهم إلى أنه ليس بشرط، وحكاه ابن المنذر عن أحمد، وإسحاق، وطائفة من أهل الحديث، وبه قال أبو يوسف، ومحمد، وهو أحد قولي الشافعيّ؛ لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من أسلم فليسلم في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم"، ولم يذكر مكان الإيفاء، فدل على أنه لا يشترط، وفي الحديث الذي فيه: أن اليهوديّ أسلم إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أما من حائط بني فلان فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى" (١)، ولم يذكر مكان الإيفاء، ولأنه عقد معاوضة، فلا يُشترط فيه ذكر مكان الإيفاء، كبيوع الأعيان.

وقال الثوريّ: يُشترط ذكر مكان الإيفاء، وهو القول الثاني للشافعيّ، وقال الأوزاعيّ: هو مكروه؛ لأن القبض يجب بحلوله، ولا يُعلم موضعه حينئذٍ، فيجب شرطه؛ لئلا يكون مجهولًا.

وقال أبو حنيفة، وبعض أصحاب الشافعيّ: إن كان لحمله مؤنة وجب شرطه، وإلا فلا يجب؛ لأنه إذا كان لحمله مؤنة، اختلف فيه الغرض، بخلاف ما لا مؤنة فيه.

وقال ابن أبي موسى: إن كانا في برّية لزم ذكر مكان الإيفاء، وإن لم يكونا في برّية، فذِكْرُ مكان الإيفاء حسن، وإن لم يذكراه كان الإيفاء مكان العقد؛ لأنه متى كانا في برّية، لم يمكن التسليم في مكان العقد، فإذا ترك ذِكْره كان مجهولًا، وإن لم يكونا في برّية اقتضى العقد التسليم في مكانه، فاكتفى بذلك عن ذكره، فإنْ ذَكَره كان تأكيدًا فكان حسنًا، فإنْ شرط الإيفاء في مكان سواه صح؛ لأنه عقد بيع، فصح شرط ذِكْر الإيفاء في غير مكانه، كبيوع الأعيان.


(١) تقدّم أن الحديث ضعيف، فتنبّه.