للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصحيح، فإن العقد قد صح، وإنما تعذر التسليم، فهو كما لو اشترى عبدًا، فأبق قبل القبض، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية عشرة): في الكلام على الشرط السادس: وهو أن يقبض رأس مال السلم في مجلس العقد، فإن تفرقا قبل ذلك بطل العقد، وبهذا قال أبو حنيفة، والشافعيّ، وقال مالك: يجوز أن يتأخر قبضه يومين وثلاثة، وأكثر ما لم يكن ذلك شرطًا؛ لأنه معاوضة لا يخرج بتأخير قبضه من أن يكون سَلَمًا، فأشبه ما لو تأخر إلى آخر المجلس.

وحجة الأولين: أنه عقد معاوضة لا يجوز فيه شرط تأخير العوض المطلق، فلا يجوز التفرق فيه قبل القبض كالصرف، ويفارق المجلس ما بعده بدليل الصرف.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي ما قاله مالك رَحِمَهُ اللهُ هو الظاهر؛ لأنه لم يرد نصّ باشتراط القبض، وما ذكروه من الاستدلال ليس بواضح، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة عشرة): في اختلافهم في اشتراط معرفة صفة الثمن المعيّن:

قال الموفّق رَحِمَهُ اللهُ: لا خلاف في اشتراط معرفة صفته، إذا كان في الذمة؛ لأنه أحد عِوَضَي السَّلَم، فإذا لم يكن معيّنًا اشتُرِط معرفة صفته كالمُسْلَم فيه، إلا أنه إذا أطلق، وفي البلد نقد معيّن، انصرف الإطلاق إليه، وقام مقام وصفه، فأما إن كان الثمن معينًا، فقال القاضي وأبو الخطاب: لا بد من معرفة وصفه، واحتجا بقول أحمد رَحِمَهُ اللهُ يقول: أسلمت إليك كذا وكذا درهمًا، ويصف الثمن، فاعتبر ضبط صفته، وهذا قول مالك، وأبي حنيفة؛ لأنه عقد لا يملك إتمامه في الحال، ولا تسليم المعقود عليه، ولا يؤمَن انفساخه، فوجب معرفة رأس المُسْلَم فيه ليردّ بدله كالقرض والشركة، ولأنه لا يؤمَن أن يظهر بعض الثمن مستحقًّا، فينفسخ العقد في قَدْره، فلا يُدْرَى في كم بقي، وكم انفسخ.

وقيل: لا يشترط؛ لأنه لم يُذكر في شرائط السلم، وهو أحد قولي الشافعيّ؛ لأنه عِوَضٌ مشاهَد، فلم يُحتجْ إلى معرفة قَدْره، كبيوع الأعيان.