للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للمِلك المشفوع، مثلُ اللُّقْمَة، اسم للشيء الملقوم، وتُستعمل بمعنى التملّك لذلك الملك، ومنه قولهم: من ثبتَ له شُفْعة، فأخّر الطلب بغير عذر، بطلت شفعته، ففي هذا المثال جمعٌ بين المعنيين، فإن الأولى للمال، والثانية للتملّك، ولا يُعرف لها فعلٌ. انتهى.

وقال في "الفتح" -بعد أن ذكر المعاني اللغوية الماضية-: وفي الشرع: انتقال حصّة شريك إلى شريك، كانت انتَقَلت إلى أجنبيّ، بمثل الْعِوَض المسمّى، ولم يَخْتَلِف العلماء في مشروعيّتها، إلا ما نُقل عن أبي بكر الأصمّ من إنكارها. انتهى.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الشفعة في اللغة: هي الضمّ، والجمع، وفي عُرف الشرع: أخذ الشريك الجزءَ الذي باعه شريكه من المشتري بما اشتراه به، وهي حقّ للشريك على المشتري، فيجب عليه أن يُشفِعَه، ولا يحلّ له الامتناع من ذلك. انتهى (١).

وقال ابن قُدامة رَحِمَهُ اللهُ في "المغني": الشفعة: هي استحقاقُ الشريك انتزاعَ حصة شريكه، الْمُنْتَقِلة عنه، من يد من انتَقَلَت إليه، وهي ثابتة بالسُّنَّة، والإجماع:

أما السُّنَّة فما رُوي عن جابر -رضي الله عنه-، قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالشفعة، فيما لم يُقْسَم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِفَت الطُّرُق فلا شفعة"، متفق عليه، ولمسلم قال: "قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بالشفعة في كل شِرْك لم يُقْسَم، رَبْعَةٍ، أو حائطٍ، لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه، فهو أحقُّ به"، وللبخاري: "إنما جعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشفعةَ، فيما لم يُقسَم، فإذا وقعت الحدود، وصُرِفت الطرقُ، فلا شفعة".

وأما الإجماع، فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة، للشريك الذي لم يقاسم، فيما بيع من أرض، أو دار، أو حائط، والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين، إذا أراد أن يبيع نصيبه، وتمكّن من بيعه لشريكه، وتخليصه مما كان بصدده، من توقّع الخلاص والاستخلاص، فالذي يقتضيه


(١) "المفهم" ٤/ ٥٢٣.