للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن الشريك ربما دخل عليه شريك، فيتأذَّى به، فتدعوه الحاجة إلى مقاسمته، أو يطالب الداخل المقاسمة، فيدخل الضرر على الشريك، بنقص قيمة ملكه، وما يحتاج إلى إحداثه من المرافق، وهذا لا يوجد في المقسوم. فأما حديث أبي رافع -رضي الله عنه-، فليس بصريح في الشفعة، فإن الصَّقَب: القرب، يقال: بالسين، والصاد، قال الشاعر:

كُوفِيَّةٌ نَازحٌ مَحِلَّتُهَا … لَا أَمَمٌ دَارُهَا وَلَا صَقَبُ

فيَحْتَمِلُ أنه أراد به الإحسان بجاره، وَصِلته، وعيادته، ونحو ذلك، وخبرنا صريح صحيح، فيُقَدَّم، وبقية الأحاديث في أسانيدها مقال، فحديث سمرة -رضي الله عنه- يرويه عنه الحسن، ولم يسمع منه إلا حديث العقيقة، قاله أصحاب الحديث، قال ابن المنذر: الثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حديث جابر -رضي الله عنه- الذي رويناه، وما عداه من الأحاديث، فيها مقال، على أنه يَحْتَمِل أنه أراد بالجار الشريك، فإنه جارٌ أيضًا، ويسمى كل واحد من الزوجين جارًا، قال الشاعر:

أَجَارَتَنَا بينِي فَإِنَّكِ طَالِقَهْ … كَذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ غَاب وَطَارِقَهْ

قاله الأعَشى، وتُسمَّى الضرّتان جارتين؛ لاشتراكهما في الزوج، قال حمل بن مالك -رضي الله عنه-: كنت بين جارتين لي، فضربت إحداهما الأخرى، بِمِسْطَح، فقتلتها وجنينها، وهذا يمكن في تأويل حديث أبي رافع أيضًا. انتهى كلام ابن قُدامة رَحِمَهُ اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بعدم ثبوت الشفعة للجار، وإنما هي قاصرة على الشريك فقط، هو الحقّ؛ لقوّة أدلّته، كما تقدّم بيانه آنفًا.

(الشرط الثاني): أن يكون المبيع أرضًا؛ لأنها التي تبقى على الدوام، ويدوم ضررها، وأما غيرها، فينقسم قسمين:

[أحدهما]: تثبت فيه الشفعة تبعًا للأرض، وهو البناء، والغراس، يباع مع الأرض، فإنه يؤخذ بالشفعة، تبعًا للأرض، قال ابن قُدامة: ولا نعرف فيه بين من أثبت الشفعة خلافًا، وقد دل عليه قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقضاؤه بالشفعة في


(١) "المغني" ٧/ ٤٣٦ - ٤٣٩.