للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكلمات. انتهى (١).

فقوله: "ما لي" "ما" استفهاميّة مبتدأ، و"لي" خبره؛ أي: أيُّ شيء ثبت لي، وقوله: "أراكم إلخ … " جملة حاليّة، وقوله: "عنها" متعلّق بقوله: (مُعْرِضِينَ) وهو منصوب على الحال.

قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: هذا القول من أبي هريرة -رضي الله عنه -إنكارٌ عليهم لِمَا رأى منهم الإعراض، واستثقال ما سمعوه منه، وذلك أنهم لم يُقْبِلوا عليه، بل طأطؤوا رؤوسهم، كما رواه الترمذيّ في هذا الحديث. انتهى (٢).

(وَاللهِ لأَرْمِيَنَّ بِهَا) وفي رواية البخاريّ: "لأرمينّها"، وفي رواية أبي داود: عن ابن عيينة، عن الزهريّ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استأذن أحدكم أخاه أن يغرز خشبةً في جداره فلا يمنعه"، فنكسوا، فقال أبو هريرة: ما لي أراكم قد أعرضتم، لألْقِيَنَّها بين أكتافكم.

والمعنى: لأشيعنّ هذه المقالة فيكم، ولأُقرّعنّكم بها كما يَضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه؛ ليستيقظ من غفلته.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: أي لأحدّثنكم بتلك المقالة التي استثقلتم سماعها من غير مبالاة، ولا تَقِيّة، وأوقعها بينكم كما يُوقَعُ السهم بين الجماعة. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: ويجوز أن يرجع الضمير في قوله: "لأرمين بها" إلى الخشبة، ويكون كنايةً عن إلزامه بالحجة القاطعة على ما ادّعاه؛ أي: لا أقول: إن الخشبة تُرْمَى على الجدار، بل بين أكتافكم؛ لِمَا وَصَّى بالبرّ والإحسان في حقّ الجار، وحمل أثقاله. انتهى (٤).

(بَيْنَ أكتَافِكُمْ) قال ابن عبد البرّ رَحِمَهُ اللهُ: رَوَيناه في "الموطأ" بالمثناة، وبالنون، والأكناف بالنون: جمع كَنَف بفتحها، وهو الجانب، قال الخطابيّ: معناه: إن لم تَقبَلوا هذا الحكم، وتعملوا به راضين، لأجعلنّها؛ أي: الخشبة على رقابكم كارهين، قال: وأراد بذلك المبالغة، وبهذا التأويل جزم إمام الحرمين؛ تبعًا لغيره، وقال: إن ذلك وقع من أبي هريرة حين كان يَلِي إمرة


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٤٧.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٣٢.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٣٢.
(٤) راجع: "مرقاة المفاتيح" ٦/ ١٤٧.