١ - (منها): بيان نهي الجار عن منع غرز جاره خشبه في جداره، وقد اختَلَف العلماء هل النهي للتحريم، أو للكراهة؟ وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة التالية -إن شاء الله تعالى-.
٢ - (ومنها): بيان شدّة عناية الشريعة بحقّ الجار على الجار، وأنه لا يجوز له منع ما طلبه منه من وضع الخشب على جداره، أو نحو ذلك، فهو كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورّثه"، متّفقٌ عليه.
٣ - (ومنها): أن محلّ الوجوب -عند من قال به، وهو الحقّ- أن يحتاج إليه الجار، ولا يضع عليه ما يتضرر به المالك، ولا يُقَدَّم على حاجة المالك.
٤ - (ومنها): أنه لا فرق بين أن يحتاج في وضع الجذع إلى نَقْب الجدار، أو لا؛ لأن رأس الجذع يَسُدّ المنفتح، ويقوّي الجدار.
٥ - (ومنها): بيان ما كان عليه أبو هريرة -رضي الله عنه- من الشدّة في بيان السُّنّة، والدعوة إليها.
٦ - (ومنها): أنه ينبغي للمسلم أن يكون حريصًا على نشر السُّنَّة، وإن كرِه من كره، وأعرض عنها من ضعفاء الإيمان، أو الجهلة.
٧ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه من الفقه: تبليغُ العلم لمن لم يُرِده، ولا استدعاه، إذا كان من الأمور المهمة، ويظهر منه أن أبا هريرة كان يعتقد وجوب بذل الحائط لغرز الخشب، وأن السامعين له لم يكونوا يعتقدون ذلك. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم هذا الحديث:
قال النووي رَحِمَهُ اللهُ: اختَلَف العلماء في معنى هذا الحديث، هل هو على الندب إلى تمكين الجار من وضع الخشب على جدار جاره، أم على الإيجاب؟ وفيه قولان للشافعيّ، وأصحاب مالك، أصحهما في المذهبين: الندب، وبه قال أبو حنيفة، والكوفيون، والثاني: الإيجاب، وبه قال أحمد، وأبو ثور،