الحساب، وقال الله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}[النساء: ١١]، أقول: يَضْعَف نصيب الذكر على الأنثى، وهو قوله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ}[النساء: ٣٤]، وللبنت المنفردة النصف؛ لأنه إن كان ابن واحد لأحاط المال، فمن حق البنت الواحدة أن تأخذ نصفه قضية للتضعيف، والبنتان حكمهما حكم الثلاث بالإجماع، وإنما أعطيتا الثلثين؛ لأنه لو كان مع البنت ابن لوجدت الثلث، فالبنت الأخرى أولى ألا ترزأ نصيبها من الثلث، وإنما أُفْضِل للعصبة الثلث؛ لأن للبنات معونةً، وللعصبات معونةً، فلم يُسقط إحداهما الأخرى، لكن كانت الحكمة أن يُفَضَّل من في عمود النسب على من يحيط به من جوانبه، وذلك نسبة الثلثين من الثلث، وكذلك حال الوالدين مع البنين والبنات، وقال الله تعالى:{وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} الآية [النساء: ١١].
أقول: قد علمتَ أن الأولاد أحقّ بالميراث من الوالدين، وذلك بأن يكون لهم الثلثان، ولهما الثلث، وإنما لم يجعل نصيب الوالد أكثر من نصيب الأم؛ لأنه اعتبر فضله من جهة قيامه مقام الولد، وذبه عنه مرة واحدة بالعصوبة، فلا يعتبر ذلك الفضل بعينه في حقّ التضعيف أيضًا، وعند عدم الولد لا أحقّ من الوالدين، فأحاط تمام الميراث، وفُضِّل الأب على الأم، وقد علمت أن الفضل المعتبر في أكثر هذه المسائل فضل التضعيف، ثم إن كان الميراث للأم والإخوة، وهم أكثر من واحد، وجب أن ينقص سهمها إلى السدس؛ لأنه إن لم تكن الإخوة عصبة، وكانت العصبات أبعد من ذلك، فالعصوبة والرفق والمودة على السواء، فجُعل النصف لهؤلاء، والنصف لهؤلاء، ثم قسم النصف على الأم وأولادها، فجعل السدس لها البتة، لا ينقص سهمها منه، والباقي لهم جميعًا، وإن كانت الإخوة عصبات، فقد اجتمع فيهم القرابة القريبة، والحماية، وكثيرًا ما يكون مع ذلك ورثة آخرون، كالبنت، والبنين، والزوج، فلو لم يجعل لها السدس حصل التفسيق عليهم، وقال تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ