للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القول في الشراك الآتي ذكره. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الاحتمال الأول هو الأرجح؛ لظاهر النصّ، ومما ينبغي أن يُعلم، وإن كان كثير من الناس يغفُل عنه أنّ ظاهر النصّ لا يُعدل عنه إلا لدليل ناقل، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

(أَخَذَهَا) أي تلك الشَّمْلة، والجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدَّر، وتقديره هنا: ما سبب التهابها عليه؟، فأجاب بأنه أخذها (مِنَ الْغَنَائِمِ يَوْمَ خَيْبَرَ) أي يوم وقعة خيبر، وقوله: (لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ") جملة في محلّ نصب على الحال، من المفعول، و"المقاسم" بالفتح: جمع مَقْسَم بفتح، فسكون: بمعنى النصيب، قال في "القاموس": الْقِسْمُ بالكسر، وكمِنْبَر، ومَقْعَدٍ: النصيب، كالأُقْسُومة. انتهى (٢). والمراد أنه أخذها دون أن يقع عليها نصيبه عند قسمة الغنائم.

(قَالَ: فَفَزِعَ النَّاسُ) بكسر الزاي، من باب تَعِبَ: أي خاف الناس من أن يلحقهم ما لحِقَ هذا العبدَ بسبب الشّملة (فَجَاءَ رَجُلٌ) قال الحافظ: لم أقف على اسمه (بِشِرَاكٍ) بكسر المعجمة، وتخفيف الراء: سَيْرُ النَّعْل على ظهر القَدَم (أَوْ) الظاهر أنها للشكّ من الراوي (شِرَاكَيْن، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ) قال النوويّ: كذا في الأصول، وهو صحيح، وفيه حذف المفعول: أي أصبت هذا. انتهى. (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ) خبر لمحذوف: أي هذا شراك من نار، وقد مرّ آنفًا أن حمله على ظاهره هو الظاهر (أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ") قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: فيه تنبيهٌ على المعاقبة عليهما، وقد تكون المعاقبة بهما أنفسهما، فيُعَذَّب بهما، وهما من نار، وقد يكون ذلك على أنهما سبب لعذاب النار. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد سبق قريبًا ترجيح الاحتمال الأول، فلا تكن من الغافلين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الفتح" ٧/ ٥٥٩ - ٥٦٠.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٠٣٦.