للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الرواية التالية: "قال: عادني النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر في بني سَلِمَةَ يمشيان"، وبنو سَلِمة -بفتح السين المهملة، وكسر اللام-: هم قوم جابر -رضي الله عنه-، وهم بطن من الخزرج، قاله في "الفتح" (١).

وقوله: (مَاشِيَيْنِ) منصوب على الحال، وفي بعض النسخ: "ماشيان"، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في أكثر النسخ: "ماشيان"، وفي بعضها: "ماشيين"، وهذا ظاهر، والأول صحيحٌ أيضًا، وتقديره: وهما ماشيان، وفيه فضيلة عِيَادة المريض، واستحباب المشي فيها. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: إنما أتياه ماشيين مبالغة في التواضع، وفي كثرة أجر المشي؛ لأن المشي للقرب التي لا يُحتاج فيها إلى كبير مؤونة، ولا نفقة أفضل من الركوب بدليل ما ذكرناه في الجمعة، وقد ذكرنا الخلاف في ذلك في الحجّ. انتهى (٣).

(فَأُغْمِيَ عَلَيَّ) بالبناء للمجهول، قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: وغُمِي على المريض، ثلاثيٌّ، مبنيّ للمفعول، فهو مَغْميّ عليه، على مفعول، قاله ابن السّكّيت، وجماعة، وأُغْمِيَ عليه إِغْماءً بالبناء للمفعول أيضًا، وقال في مادّة "غُشِيَ": يقال: إن الْغَشْيَ يُعَطِّلُ الْقُوَى المحرّكة، والأَوْرِدةَ الْحَسَّاسة؛ لضعف القلب بسبب وجع شديد، أو بَرْدٍ، أو جوعٍ مُفْرِطٍ، وقيل: الْغَشْيُ هو الإغماء، وقيل: الإغماء: امتلاء بُطون الدماغ من بَلْغَم باردٍ غَلِيظٍ، وقيل: الإغماء سَهْوٌ يَلْحق الإنسان مع فتور الأعضاء لعلّة. انتهى (٤).

(فَتَوَضَّأَ) وفي الرواية التالية: "فوجدني لا أعقل، فدعا بماء، فتوضّأ، ثم رَشَّ عليّ منه" (ثُمَّ صَبَّ عَلَيَّ مِنْ وَضُوئِهِ) بفتح الواو؛ لأن المراد الماء الذي توضّأ به، قال في "الفتح": قوله: "من وَضوئه" يَحْتَمِل أن يكون المراد: صبّ عليّ بعض الماء الذي توضّأ به، أو مما بقي منه، والأول المراد، ففي رواية للبخاريّ في "الاعتصام": "ثمّ صَبّ وَضوءه عليّ"، ولأبي داود: "فتوضّأ، وصبّه عليّ" (فَأَفَقْتُ) وفي الرواية الآية: "فَعَقَلتُ"، يقال: أفاق المجنون إفاقةً:


(١) "الفتح" ١٠/ ٣٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٥٥.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٦٩.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٨ و ٤٥٤.