للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَآلَيْتُ لَا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلَالَةٍ … وَلَا مِنْ وَجًى (١) حَتَّى تُلَاقِي مُحَمَّدًا

وذكر أبو حاتم، والأثرم، عن أبي عبيدة، قال: الكلالة كلُّ من لم يرثه أبٌ، أو ابنٌ، أو أخٌ، فهو عند العرب كلالةٌ.

قال أبو عُمر: ذِكْر أبي عبيدة الأخ هنا مع الأب والابن في شرط الكلالة غلطٌ، لا وجه له، ولم يذكره في شرط الكلالة غيره.

ورَوَى عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن الكلالة من لا وَلَدَ له خاصّةً، ورُوي عن أبي بكر ثم رجعا عنه، وقال ابن زيد: الكلالة الحيّ والميت جميعًا، وعن عطاء: الكلالةُ المال، قال ابن العربيّ: وهذا قول طريف لا وجه له.

قال القرطبيّ: له وجه يتبيَّن بالإعراب آنفًا.

ورُوي عن ابن الأعرابيّ: أن الكلالة بنو العم الأباعد، وعن السُّديّ: أن الكلالة الميت، وعنه مثل قول الجمهور.

وهذه الأقوال تتبيَّن وجوهها بالإعراب، فقرأ بعض الكوفيين: "يُوَرِّث كلالةً" بكسر الراء وتشديدها، وقرأ الحسن، وأيوب: "يُورِثُ" بكسر الراء وتخفيفها، على اختلاف عنهما، وعلى هاتين القراءتين لا تكون الكلالةُ إلَّا الوَرَثَةَ، أو المال، كذلك حَكَى أصحاب المعاني، فالأول مِن وَرَّثَ، والثاني من أَوْرَثَ، و"كلالةً" مفعوله، و"كان" بمعنى وَقَعَ، ومن قرأ "يُورَثُ" بفتح الراء احتَمَلَ أن تكون الكلالة المالَ، والتقدير: يُورَثُ وِراثةَ كلالةٍ، فتكون نعتًا لمصدر محذوف، ويجوز أن تكون الكلالة اسمًا للورثة، وهي خبر "كان"، فالتقدير: ذا وَرَثَةٍ، ويجوز أن تكون تامّة بمعنى وقع، و"يورَثُ" نعت لـ "رجلٌ"، و"رجلٌ" رُفِعَ بـ "كان"، و"كلالةً" نُصِب على التفسير، أو الحال على أنَّ الكلالة هو الميت، والتقدير: وإن كان رجلٌ يورَث مُتَكَلِّل النسب إلى الميت. انتهى كلام القرطبيّ -رَحِمَهُ الله- (٢).

وقال الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ-: الكلالة مُشْتَقَّةٌ من الإكليل، وهو الذي يُحيط


(١) الوجَى: الْحَفَى.
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٧٦ - ٧٧.