للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالرأس من جوانبه، والمراد هنا: مَن يرثه من حواشيه، لا أصوله، ولا فروعه، كما رَوَى الشعبيُّ عن أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- أنه سئل عن الكلالة؟ فقال: أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه، الكلالة: من لا ولد له ولا والد، فلما وُلِّيَ عمر -رضي الله عنه- قال: إني لأستحي أن أخالف أبا بكر في رأي رآه، كذا رواه ابن جرير وغيره، وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره": حدَّثنا محمد بن يزيد، عن سفيان، عن سليمان الأحول، عن طاوس، قال: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: كنت آخر الناس عهدًا بعمر -رضي الله عنه-، فسمعته يقول: القول ما قلت، قلت: وما قلت؟ قال: الكلالة: من لا ولد له ولا والد، وهكذا قال عليّ، وابن مسعود، وصَحَّ عن غير واحد، عن ابن عباس، وزيد بن ثابت، وبه يقول الشعبيّ، والنخعيّ، والحسن، وقتادة، وجابر بن زيد، والحكم، وبه يقول أهل المدينة، وأهل الكوفة والبصرة، وهو قول الفقهاء السبعة، والأئمة الأربعة، وجمهور السلف والخلف، بل جميعهم، وقد حَكَى الإجماع عليه غيرُ واحد، وورد فيه حديث مرفوعٌ (١)، قال أبو الحسين ابن اللَّبّان: وقد رُوي عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأول، ولعل الراوي ما فَهِمَ عنه ما أراد. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

وقال في موضع آخر بعد ذكره تفسير الصدّيق -رضي الله عنه- للكلالة الماضي ما نصّه: وهذا الذي قاله الصدِّيق -رضي الله عنه- عليه جمهور الصحابة، والتابعين، والأئمة في قديم الزمان وحديثه، وهو مذهب الأئمة الأربعة، والفقهاء السبعة، وقول علماء الأمصار قاطبة، وهو الذي يدُلُّ عليه القرآن، كما أرشد الله أنه قد بَيَّنَ ذلك، ووَضَّحَهُ في قوله تعالى: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: ١٧٦]. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الصحيح في معنى الكلالة


(١) الحديث المرفوع ضعيف، ولفظه: "من لم يترك مالًا ولا والدًا، فورثته كلالة"، راجع: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الالبانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- رقم (٤٦٥٣).
(٢) تفسير ابن كثير ١/ ٤٦١.
(٣) "تفسير ابن كثير" ١/ ٥٩٦.