للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو الذي عليه الجمهور، وهو أنه من لا ولد له ولا والد؛ لقوّة حجته، كما عرفته آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: قال أبو عبد الله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ذَكَرَ الله -عَزَّوَجَلَّ-، في كتابه الكلالة في موضعين: في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} الآية [النساء: ١٢]، وقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: ١٧٦]، ولم يذكر في الموضعين وارثًا غير الإخوة، فأما في الآية الأولى فأجمع العلماء على أنَّ الإخوة فيها عُنِي بها الإخوة للأم؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} وكان سعد بن أبي وقاص يقرأ: "وله أخ أو أخت من أمه"، ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم، أو للأب ليس ميراثهم كهذا، فدلَّ إجماعهم على أنَّ الإخوة المذكورين في آخر السورة هم إخوة الْمُتَوَفَّى لأبيه وأمه، أو لأبيه؛ لقوله -عَزَّوَجَلَّ-: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، ولم يَختلفوا أن ميراث الإخوة للأم ليس هكذا، فدَلَّت الآيتان أن الإخوة كلَّهم جميعًا كلالةٌ.

وقال الشعبيّ: الكلالة ما كان سوى الولد والوالد، من الورثة إخوةً أو غيرهم من العصبة، كذلك قال عليّ، وابن مسعود، وزيد، وابن عباس -رضي الله عنهم-، قال الطبريّ: والصواب أن الكلالة هم الذين يرثون الميت مَن عدا ولده ووالده؛ لصحة خبر جابر -رضي الله عنه-، فقلت: "يا رسول الله إنما يرثني كلالةٌ، أَفأُوصي بمالي كلِّه؟ قال: "لا" … " الحديث، متّفقٌ عليه (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -عَزَّوَجَلَّ- أوّل الكتاب قال:

[٤١٤٤] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل ابْنُ علَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرْوبَةَ (ع) وَحَدَّثَنَا زهَيْرٌ بْن حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْن رَافِعٍ، عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ، عَنْ شُعْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ قَتَادَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ).


(١) راجع: "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٧٨.