(٥/ ٤٨٥ و ٤٨٧)، و (أبو عوانة) في "مستخرجه"(٦/ ١٦٨)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٧/ ١٧٢) و"المعرفة"(١١/ ٣٥٥)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف الروايات في آخر ما نزل من القرآن:
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وقول البراء: "آخرُ آيَةٍ أُنزلت آية الكلالة" إلى آخره: اختُلِف في آخر آية أنزلت، فقيل ما قال البراء، وقال ابن عباس:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣]، وقيل:{قُلْ لَا أَجِدُ ...... }[الأنعام: ١٤٥]، والجمع بينها أن يقال: إن آية الكلالة آخر ما نزل من آيات المواريث، وآخر آية أنزلت في حصر المحرمات {قُلْ لَا أَجِدُ ...... }، والظاهر أن آخر الآياتِ نزولًا:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}؛ لأنَّ الكمال لمّا حَصَل لم يبق بعده ما يزاد، والله أعلم.
وأما قوله:"آخر سورة نزلت براءة"؛ فقد فَسَّر مراده بقوله في الرواية الأخرى:"أنزلت كاملة"، ومع ذلك: فقد قيل: إن آخر سورة نزلت: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)}، وكانت تسمى سورة التوديع.
وقد اختُلِف في وقت نزولها على أقوال: أشبهها قول ابن عمر -رضي الله عنهما-: إنها نزلت في حَجَّة الوداع، ثم نزلت بعدها:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة: ٣]، فعاش بعدها ثمانين يومًا، ثم نزلت بعدها آية الكلالة، فعاش بعدها خمسين يومًا، ثم نزل بعدها:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ}[التوبة: ١٢٨]، فعاش بعدها خمسة وثلاثين يومًا، ثم نزلت بعدها:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}[البقرة: ٢٨١]، فعاش بعدها أحدًا وعشرين يومًا، وقال مقاتل: سبعة أيام، والله أعلم.
ذكر هذا الترتيب أبو الفضل محمد بن يزيد بن طيفور الغزنويّ في كتابه المسمَّى بـ "عيون معاني التفسير". انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الحاصل أنه قد اختلفت الروايات في آخر ما نزل من القرآن، وقد عقد له السيوطي -رَحِمَهُ الله- في "الإتقان" بابًا.
أخرج البخاريّ في "صحيحه" عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أنه قال: آخر آية نزلت على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- آية الربا.