للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخرج الطبريّ عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- أيضًا: أن آخر آية نزلت على النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الآية.

وأخرج النسائيّ عن ابن عبّاس أيضًا: أن آخر سورة نزلت هي: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} … إلخ.

وأخرج الحاكم في "مستدركه" عن أُبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: "آخر آية نزلت: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} إلى آخر السورة [الكهف: ١١٠] ".

وأخرج الطبريّ عن معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنهما- أنه تلا هذه الآية: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ} الآية، وقال: إنها آخر آية نزلت من القرآن.

وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ} إلي آخرها [آل عمران: ١٩٥].

قال بعضهم (١): فأما الروايتان الأخيرتان، فالظاهر أن المراد بهما أن هاتين الآيتين لم ينسخهما شيء، وقد ثبت أن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا يُطلقون مثل هذا الكلام في الآيات المحكمة التي لم يُنسخ حكمها، فقد أخرج البخاريّ وغيره عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: "نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية [النساء: ٩٣] هي آخر ما نزل، وما نسخها شيء".

وأرادت أم سلمة -رضي الله عنها- في الرواية الأخيرة أنَّها قالت للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله أرى الله يذكر الرجال، ولا يذكر النساء، فنزلت: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٢]، ونزلت: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ} الآية، [الأحزاب: ٣٥] ونزلت هذه الآية -تعني {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} [آل عمران: ١٩٥]- فهي آخر الثلاثة نزولًا، وآخر ما نزل بعد ما كان ينزل في الرجال خاصّة.

وأما الروايتان الأوليان فلا تعارض بينهما؛ لأنَّ آية الربا، وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الآية [البقرة: ٢٨١] متّصلتان متلاحقتان،


(١) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٢/ ٤١ - ٤٢.