للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآن والله لأنت أحب إليّ من نفسي، فقال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: الآن يا عمر"، رواه البخاريّ في "صحيحه"، قال الخطابيّ: لم يُرِدْ به حُبّ الطبع، بل أراد به حبّ الاختيار؛ لأن حب الإنسان نفسه طبع، ولا سبيل إلى قلبه، قال: فمعناه: لا تَصْدُق في حبي حتى تُفْنِيَ في طاعتي نفسَكَ، وتؤثر رضاي على هواك، وإن كان فيه هلاكك. انتهى (١).

٥ - (ومنها): ما قال وليّ الدين رحمه الله: فيه قيام النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بالعيال الذين لا مال لهم، وهذا واجب عليه، وعلى الأئمة بعده، من مال المصالح، قال الخطابيّ: كان الشافعيّ يقول: ينبغي للإمام أن يُحصي جميع ما في البلدان، من المقاتِلة، وهم مَن قد احتَلَم، أو استكمل خمس عشرة من الرجال، ويُحصي الذرّية، وهم من دون المحتلِم، ودون البالغ، والنساء صغيرتهن وكبيرتهن، ويعرف قدر نفقاتهم، وما يحتاجون إليه من مؤناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم، ثم يعطي المقاتلة في كلّ عام عطاءهم، والعطاء الواجب من الفيء لا يكون إلَّا لبالغ يطيق مثله الجهاد، ثم يعطي الذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم في كسوتهم ونفقتهم.

قال: ولم يَختلِف أحد لقيناه في أن ليس للمماليك في العطاء حقّ، ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة.

قال: وإن فضل من المال شيء بعدما وَصَفتُ وضَعه الإمام في إصلاح الحصون، والازدياد في الكُرَاع، وكلِّ ما يتقوى به المسلمون، فإن استغنى المسلمون، وكملت كلُّ مصلحة لهم فَرَّقَ ما يبقى منه بينهم كله على قدر ما يستحقونه في ذلك المال.

قال: ويعطي من الفيء رزق الحكام، وولاة الأحداث، والصلاة بأهل الفيء، وكلّ من قام بأمر الفيء، من وال، وكاتب، وجنديّ، ممن لا غنى لأهل الفيء عنه، رُزِق مثله. انتهى.

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ١٩٥ - ١٩٦.