للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيكون "عصبته" مفعولًا ثانيًا - أي: فليورّث هو عصبتَهُ، والأول هو المعروف. انتهى.

وقوله: (مَنْ كَانَ")؛ أيّ: أيًّا كان ذلك العصبة؛ يعني: أنه يُعطى المال للعصبة من غير نظر إلى أوصافهم، وقال الكرمانيّ رحمه الله:

فإن قلت: قد يكون لأصحاب الفروض.

قلت: هم مقدّمون على العصبة، فإذا كان للأبعد فبالطريق الأَولى للأقرب أيضًا. انتهى (١).

وقال وليّ الدين: قوله: "من كان أي: العصبة هذا على الإعراب الأول، ويدلّ له قوله في الرواية الأخرى: "من كانوا"، وعلى الاحتمال الذي قدمناه -يعني: نصب"عصبتَه"- يكون المراد: من كان الميت.

و"العصبة": الأقارب من جهة الأب، كذا عرّفه أهل اللغة، ومنهم الجوهريّ، وصاحب "النهاية قال الجوهريّ: وإنما سُمُّوا عصبة؛ لأنهم عَصَبوا به؛ أي: أحاطوا به، فالأب طرف، والابن طرف، والعم جانب، والأخ جانب.

وقال صاحب "النهاية": لأنهم يعصبونه، ويعتصب بهم؛ أي: يحيطون به، ويشتدّ بهم.

وقال صاحب "المحكم": العصبة: الذين يرثون الرجل عن كلالة من غير والد، ولا ولد، فأما في الفرائض: فكل من لم يكن له فريضة مسماة، فهو عصبة، إن بقي شيء بعد الفرض أخذ.

وقال صاحب "المشارق": عصبة المواريث: هم الكلالة من الورثة، من عدا الآباء والأبناء الأدنياء، وتكون أيضًا في المواريث: كلُّ من ليس له فرض مسمي، وكلام الجوهريّ يقتضي أن العصبة مفرد، فإنه قال: إن جمعه العصبات، وحكى القاضي في "المشارق" أنه قيل: إن العصبة جماعة، ليس لها واحد.

قال: وعَرَّف أصحابنا الفقهاء العصبة بأنه من وَرِث بالإجماع، ولا فرض


(١) "شرح الكرمانيّ على صحيح البخاري" ٢٣/ ١٦٧.