للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عمر -رضي الله عنهما-، وقد رجّح الدارقطنيّ الثانية، والصحيح أن رواية أسلم، عن عمر -رضي الله عنه- نفسِهِ، وأما رواية نافع، وسالم، فإنها عن ابن عمر -رضي الله عنهما-. أفاده الحافظ رحمه الله.

(قَالَ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ) بفتحتين، قال الفيّوميّ رحمه الله: الفَرَسُ يقع على الذكر والأنثي، فيقال: هو الفَرَسُ، وهي الفَرَسُ، وتصغير الذكر: فُرَيْسٌ، والأنثى: فُرَيْسَةٌ، على القياس، وجُمعت الفَرَسُ على غير لفظها، فقيل: خيلٌ، وعلى لفظها، فقيل: ثَلَاثَةُ أَفْراس بالهاء للذكور، وثَلَاثُ أفْرَاسٍ، بحذفها للإناث، ويقع على التركيّ، والعربيّ، قال ابن الأنباريّ: وربما بنوا الأنثى على الذكر، فقالوا فيها: فَرَسَةٌ، وحكاه يونس سماعًا عن العرب. انتهى (١).

وقوله: (عَتِيقٍ) -بفتح العين المهملة، وكسر المثنّاة-: الكريم الفائق من كلّ شيء، وهذا الفرس أخرج ابن سعد عن الواقديّ بسنده، عن سهل بن سعد في تسمية خيل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: "وأهدى تميم الداريّ له فرسًا، يقال له: الورد، فأعطاه عمر، فحَمَل عليه عمر في سبيل الله، فوجده يباع … " الحديث، فعُرِف بهذا تسميته، وأصله، ولا يعارضه ما أخرجه مسلم، ولم يسق لفظه، وساقه أبو عوانة في "مستخرجه" من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر حَمَل على فرس في سبيل الله، فأعطاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجلًا؛ لأنَّه يُحمل على أنَّ عمر لما أراد أن يتصدق به، فَوَّض إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اختيار من يتصدق به عليه، أو استشاره فيمن يَحمله عليه، فأشار به عليه، فنُسبت إليه العطية؛ لكونه أمره بها، قاله في "الفتح".

وقال القرطبيّ رحمه الله: قول عمر -رضي الله عنه-: "حملت على فرس عتيق في سبيل الله"؛ يعني: أنه تصدَّق به على رجل ليجاهد عليه، ويتملَّكه، لا على وجه الحبس؛ إذ لو كان كذلك لما جاز له أن يبيعه، وقد وجده عمر -رضي الله عنه- في السوق يباع، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تبتعه، ولا تَعُدْ في حدقتك"، فدلَّ على أنه مَلَّكه إيَّاه على جهة الصَّدقة ليجاهد عليه في سبيل الله.

والعتيق من الخيل: الكريم الأبوين. و"سبيل الله ": الجهاد هنا، وهو العُرْف فيه. انتهى (٢).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٧.
(٢) "المفهم" ٤/ ٥٧٨.