أنه لَمّا وَفَدَ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا لقومه، قال له: ابعثني إليهم، واجعل لي آيةً، فقال:"اللهم نَوِّرْ له"، فسَطَعَ نور بين عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا: مُثْلَةٌ، فتَحَوَّل إلى طرف سوطه، فكان يضيء له في الليلة المظلمة.
وذكر أبو الفرج الأصبهانيّ من طريق ابن الكلبيّ أيضًا أن الطفيل لَمّا قَدِمَ مكة ذَكَرَ له ناس من قريش أَمْرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وسألوه أن يختبر حاله، فأتاه فأنشده من شعره، فتلا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الإخلاص والمعوذتين، فأسلم في الحال، وعاد إلى قومه، وذَكَرَ قصة سوطه ونوره، قال: فدعا أبويه إلى الإسلام، فأسلم أبوه، ولم تُسْلِم أمه، ودعا قومه، فأجابه أبو هريرة وحده، ثم أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل لك في حِصْنٍ حَصِين، ومَنَعَة - يعني أرض دَوْس -؟. قال: ولما دعا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لهم قال له الطفيل: ما كنت أُحب هذا، فقال:"إن فيهم مثلَك كثيرًا"، قال: وكان جندب بن عمرو بن حُمَمة بن عوف الدَّوسيّ يقول في الجاهلية: إن للخلق خالقًا، لكني لا أدري مَن هو؟ فلما سَمِع بخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خرج، ومعه خمسة وسبعون رجلًا من قومه، فأسلم، وأسلموا، قال أبو هريرة: فكان جندب يُقَدِّمهم رجلًا رجلًا، وكان عمرو بن حُممة حاكمًا على دوس ثلاثمائة سنة، وإليه ينسب الصلح المعروف.
وأنشد الْمَرزبانيّ في "معجمه" للطفيل بن عمرو يخاطب قريشًا، وكانوا هَدَّدوه لما أسلم [من الوافر]:
قيل: استُشهِد باليمامة، قاله ابن سعد تبعًا لابن الكلبيّ، وقيل: باليرموك، قاله ابن حبان، وقيل: بأجنادين، قاله موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، وأبو الأسود، عن عروة، ذكر هذا كلّه في "الإصابة"(١).
(أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -) أي بمكة قبل أن يُهاجر إلى المدينة، كما جاء مصرّحًا به