للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "مسند" أبي يعلى (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ) وغرض الطفيل - رضي الله عنه - بهذا أنه لَمّا رأى مضايقة قريش للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وصدّها عليه سبيل الدعوة إلى الله تعالى أن يهاجر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى بلده حتى يتمكنّ من أداء مهمة الرسالة، فقال: (هَلْ لَكَ) أي هل توجد لك رغبة (فِي حِصْنٍ) أي في الالتحاق بحصن، وهو بكسر، فسكون: هو المكان الذي لا يُقْدَرُ عليه؛ لارتفاعه، جمعه: حُصُون، وقال القرطبيّ: "الْحُصُون": هي القصور والقلاع.

وقوله: (حَصِينٍ) صفة لـ "حِصْن"، بفتح، فكسر، فَعِيل للمبالغة: أي شديد المنع لمن فيه، وقوله: (وَمَنْعَةٍ؟) بالجرّ عطفًا على "حصن"، وهو بفتح الميم، والنون، وتُسكَّن، قال في "الصحاح": يقال: فلانٌ في عزّ ومَنَعَة بالتحريك، وقد يُسكّن عن ابن السكّيت، ويقال: المنعة بالتحريك: جمع مانع، ككافر وكَفَرَة: أي هو في عزّ وعَشِيرة يمنعونه. انتهى (١).

وقال الفيّوميّ: وهو في مَنَعَة بفتح النون: أي في عزّ قومه، فلا يَقْدِرُ عليه من يُريده، قال الزمخشريّ: هي مصدر، مثلُ الأَنَفَة، والْعَظَمة، أو جمعُ مانع، وهم الْعَشِيرة، والْحُمَاةُ، ويجوز أن تكون مقصورةً من الْمَنَاعَة، وقد تُسكَّن في الشعر، لا في غيره؛ خلافًا لمن أجازه مطلقًا. انتهى (٢).

(قَالَ) الطّفيل لما استفسره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك الْحِصْن: (حِصْنٌ) خبر لمحذوف: أي هو حِصنٌ (كَانَ لِدَوْسٍ) بفتح الدال المهملة، وسكون الواو، آخره سين مهملة: بطنٌ من الأزد، وهو دَوْس بن حَدَثان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد، بطنٌ كبير من الأزد، يُنسب إليهم خلق كثير، منهم الطُّفيل بن عمرو الدوسيّ، وأبو هريرة الدوسيّ، قاله السمعانيّ (٣). (فِي الْجَاهِلِيَّةِ) أي في زمن الجاهليّة، وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام، من الجهل بالله عز وجل، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وشرائع الدين، والتفاخر بالأنساب، والْكِبْر، والتجبّر، وغير ذلك، قاله ابن الأثير (٤). (فَأَبَى ذَلِكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي امتنع من إجابة طلب الطفيل (لِلَّذِي ذَخَرَ اللهُ لِلْأَنْصَارِ) أي


(١) "الصحاح" ٣/ ١٠٦٦.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٨١.
(٣) "الأنساب" ٢/ ٥٠٦ - ٥٠٧.
(٤) "النهاية" ١/ ٣٢٣.