للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أعدّه الله سبحانه وتعالى لهم، يقال: ذَخَرته ذَخْرًا، من باب نَفَعَ، والاسم الذُّخْرُ بالضمّ: إذا أعددته لوقت الحاجة إليه، واذّخَرْتُهُ على افْتَعَلْتُ مثله، قاله الفيّوميّ (١).

والمعنى أنه إنما أبى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن قبول طلب الطُّفَيل؛ لأن الله تعالى أراد أن يُكرم الأنصار بهجرته إليهم، وكتب لهم ذلك، فلم يشرح صدره - صلى الله عليه وسلم - للهجرة إلى غيرهم، ولم يأذن له بذلك.

(فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْمَدِينَة، هَاجَرَ إِلَيْهِ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو) - رضي الله عنه - (وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ) لا يُعرف اسمه، كما قاله صاحب "التنبيه" (٢).

قال القرطبيّ: قوله: "وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِه، فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ، فَمَرِضَ، فَجَزِعَ، فَأَخَذَ" هكذا صواب الرواية بتوحيد "رجل"، وعطف ما بعده على ما قبله على الإفراد، وهي رواية عبد الغافر (٣)، وعند غيره تخليطٌ، فمنهم من جَمَعَ، فقال: رجال، فاجتووا المدينة، ثم قال بعده: فمرِضَ، فَجَزع، على الإفراد، والأول أصوب. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى: هذا الذي قاله القرطبيّ حسنٌ، وهكذا وقع عند أبي نُعيم في "مستخرجه" بلفظ: "فاجتوى" بالإفراد، ووقع عند أحمد في "مسنده" (٣/ ٣٧١)، وأبي عوانة في "مسنده" (١/ ٥٢) أيضًا، والبيهقيّ في "الكبرى" (٨/ ١٧) بلفظ "فاجتووا"، كما هو في معظم نسخ "صحيح مسلم"، وله وجه، وهو أن يعود الضمير على الطفيل، والرجل المذكور، ومن يتعلق بهما، قاله النوويّ.

وعندي الأولى أن يعود الضمير على الطفيل، وصاحبه"، وإطلاق الجمع على الاثنين جائز في اللغة، كما في قوله عز وجل: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [سورة التحريم: ٤]، وقد حقّقت في "التحفة المرضيّة" في الأصول، و"شرحها" أن


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٠٧.
(٢) "تنبيه المعلم بمبهمات مسلم" ص ٧١.
(٣) هو عبد الغافر بن محمد الفارسيّ، أبو الحسن، ثقة، صالح من رواة "صحيح مسلم"، توُفّي سنة (٤٤٨ هـ). انتهى. "سير أعلام النبلاء" ١٨/ ١٩.
(٤) "المفهم" ١/ ٣٢٢ - ٣٢٣.