(فَقَالَ) الرجل (غَفَرَ لِي) ببناء الفعل للفاعل، (بِهِجْرَتِي) أي بسبب ترك وطني، وخروجي منه مهاجرًا (إِلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ) الطفيل (مَا) استفهاميّة: أي أيُّ شيء ثبت (لِي أَرَاكَ) حال كونك (مُغَطِّيًا يَدَيْكَ؟) وفي رواية أحمد: "يدك" بالإفراد، وهو الذي في "مستخرج أبي نعيم"(قَالَ) الرجل (قِيلَ لِي: لَنْ نُصْلِحَ) بضم النون، من الإصلاح رباعيًّا (مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ) أي بقطعها بدون مسوغّ شرعيّ (فَقَصَّهَا) أي هذه الرؤيا (الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ) متعلّق بـ (فَاغْفِرْ") والفاء زائدة، أي كما غفرت لسائر جسده، فاغفر ليديه أيضًا.
قال القرطبيّ: فيه دليلٌ على أن المغفرة قد لا تتناول محلّ الجناية، فيحصلُ منه توزيع العقاب على الْمُعَاقَب، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم وليديه فاغفر"، والظاهر أن هذا الرجل أدركته بركة دعوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فغُفر له، وليديه، وكمل له ما بقي من المغفرة عليه، وعلى هذا فيكون قوله:"لن نُصلح منك ما أفسدت" ممتدًّا إلى غاية دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له، فكأنه قيل له: لن نُصلح منك ما أفسدته ما لم يَدعُ لك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٥٢/ ٣١٨](١١٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٧٠ - ٣٧١)، و (البخاريّ) في "الأدب المفرد"(٦١٤)، و"جزء رفع اليدين"(٢٨)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٣٦)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٣٠٦ و ٣٠٧)، وفي "الحلية"(٦/ ٢٦١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٣٠١٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٨/ ١٧)، و (الحاكم) في "المستدرك"(٤/ ٧٦)، والله تعالى أعلم.