للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١ - (منها): بيان أن قاتل النفس لا يُكفَّر، قال النوويّ: فيه حجةٌ لقاعدةٍ عظيمةٍ لأهل السنة أن مَن قَتَلَ نفسه، أو ارتكب معصيةً غيرها، ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يُقطَع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة، وقد تقدم بيان القاعدة، وتقريرها، وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله، الموهمِ ظاهرها تخليدَ قاتل النفس، وغيره من أصحاب الكبائر في النار. انتهى (١).

وقال القرطبيّ: هذا الحديث يقتضي أن قاتل النفس ليس بكافر، وأنه لا يُخلّد في النار، وهو موافق لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، وهذا الرجل ممن شاء الله أن يغفر له؛ لأنه إنما أتى بما دون الشرك، وهذا بخلاف القاتل نفسه المذكور في حديث جندب - رضي الله عنه -؛ فإنه ممن شاء الله أن يُعذّبه. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): أن فيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصي، فإن هذا عوقب في يديه، ففيه ردٌّ على المرجئة القائلين بأن المعاصي لا تضرّ.

٣ - (ومنها): بيان فضل الطّفيل بن عمرو - رضي الله عنه - حيث إنه بادر بإيواء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى حصن قومه حتى يكون لهم فضل نصرة الإسلام، إلا أن الله تعالى فضّل به الأنصار - رضي الله عنهم -.

٤ - (ومنها): بيان فضل الأنصار - رضي الله عنهم -، وبيان مناقبهم العظيمة، ومفاخرهم الكريمة، وذلك لأن الله سبحانه وتعالى اختصّهم بهجرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فآووه، وآووا المهاجرين، {فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: ٥٤]، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: ١٠٥].

٥ - (ومنها): بيان فضل الهجرة إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأنها مما يُستوجب بها غفران الذنوب.

٦ - (ومنها): بيان شفقة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وشدّة رأفته لأمته، كما وصفه الله عز وجل بذلك، حيث قال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) " شرح النوويّ" ٢/ ١٣١ - ١٣٢.
(٢) "المفهم" ١/ ٣٢٤.