للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوضع (١): أخرته حتى تضع، والمَوقِفُ: موضع الوقوف. انتهى كلام الفيّوميّ رحمه الله (٢).

قال العلامة ابن قُدامة رحمه الله، مفرّقًا بين الوقوف والعطايا: الوقوف: جمع وَقْف، يقال منه: وَقَفتُ وَقْفًا، ولا يقال: أوقفت، إلا في شاذّ اللغة، ويقال: حبستُ، وأحبست، وبه جاء الحديث: "إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها".

والعطايا: جمع عطيّة، مثلُ خليّة وخَلايا، وبَليّة وبَلايا، والوقف مستحبّ، ومعناه: تحبيس الأصل، وتسبيل الثمرة، والأصل فيه ما رَوَى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: أصاب عمر أرضًا بخيبر، فأتى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فساق حديث الباب.

ثم ذكر حديث: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله" المذكور في الباب الماضي.

ثم قال: وأكثر أهل العلم من السلف، ومن بعدهم على القول بصحة الوقف، قال جابر -رضي الله عنه-: لم يكن أحد من أصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذو مقدرة إلا وَقَفَ، ولم يَرَ شُرَيح الوقف، وقال: لا حبس عن فرائض الله، قال أحمد: وهذا مذهب أهل الكوفة، وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده، وللواقف الرجوع فيه، إلا أن يوصي به بعد موته، فيلزم، أو يَحْكُم بلزومه حاكم، وحكاه بعضهم عن عليّ، وابن مسعود، وابن عباس -رضي الله عنهم-، وخالفه صاحباه، فقالا كقول سائر أهل العلم.

قال: واحتَجّ بعضهم بما رُوي أن عبد الله بن زيد صاحب الأذان -رضي الله عنه- جَعَل حائطه صدقةً، وجعله إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء أبواه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالا: يا رسول الله لم يكن لنا عيش إلا هذا الحائط، فردّه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم ماتا، فورثهما، رواه المحامليّ في "أماليه".

ولأنه أخرج ماله على وجه القربة من ملكه، فلا يلزم بمجرد القول؛ كالصدقة.


(١) أي: حتى تضع الحامل ولدها الذي هو من جملة الورثة.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٩.