والإيمان بالله هو التصديق بوجوده، وأنه متصف بصفات الكمال، مُنَزّه عن صفات النقص (ومَلَائِكَتِهِ) أي: أن تصدّق بوجودهم، وأنهم كما وصفهم الله تعالى:{عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء: ٢٦]، وقَدَّم الملائكةَ على الكتب والرسل؛ نظرًا للترتيب الواقع؛ لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول (وَكِتَابِهِ) مفرد مضافٌ، فيعمّ، وفي رواية البخاريّ:"وكتبه" بالجمع، أي: تُصدّق بأنه كلام الله تعالى، وأن ما تضمّنه حقّ (وَلقَائِهِ) كذا وقع هنا وفي الرواية التالية بين الكتاب والرسل، وكذا هو عند البخاريّ، ولم تقع في بقية الروايات، وقد قيل: إنه مكررٌ؛ لأنه داخلٌ في الإيمان بالبعث، والحقّ أنه غير مكرر، فقيل: المراد بالبعث القيام من القبور، والمراد باللقاء ما بعد ذلك، وقيل: اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا، والبعث بعد ذلك، ويدل على هذا رواية مطر الوراق المتقدّمة، فإن فيها:"وبالموت، وبالبعث بعد الموت"، كذا في حديث أنس - رضي الله عنه - عند البزّار وغيره، وابن عباس وعيهما عند أحمد، وقيل: المراد باللقاء رؤية الله، ذكره الخطابي.
وتعقّبه النووي بأن أحدًا لا يقطع لنفسه برؤية الله، فإنها مختصة بمن مات مؤمنًا، والمرء لا يدري بم يختم له، فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان.
وأجيب بأن المراد بالإيمان بأن ذلك حقّ في نفس الأمر، وهذا من الأدلة القوية لأهل السنة في إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة، إذ جعلت من قواعد الإيمان.
(وَرُسُلِهِ) ووقع في حديث أنس وابن عباس - رضي الله عنهم -: "والملائكة، والكتاب، والنبيين"، وكل من السياقين في القرآن، في البقرة، والتعبير بـ "النبيين" يشمل الرسل من غير عكس، والإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله تعالى.
(وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ) إنما أعاد لفظ "وتؤمن" هنا للإشارة إلى أنه نوع آخر مما يُؤُمَن به؛ لأن البعث سيوجد بعدُ وما ذُكر قبله موجود الآن، وللتنويه بذكره؛ لكثرة من كان ينكره من الكفار، ولهذا كَثُر تكراره في القرآن (١).