وأن من آطامهم هناك الأطم الذي يقال له الشعبان في ثمغ، صدقة عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-، قاله ابن زبالة، وفي بعض طرق حديث صدقة عمر من رواية ابن شبّة: أن عمر -رضي الله عنه- أصاب أرضًا من يهود بني حارثة، يقال لها: ثَمْغ.
وذكر الواقديّ اصطفاف أهل المدينة على الخندق في وقعة الحرّة، ثم ذكر مبارزةً وقعت يومئذ في جهة ذباب إلى كومة أبي الحمراء، ثم قال: كومة أبي الحمراء قرية من ثمغ.
وقال أبو عبيد البكريّ: ثمغ أرض تلقاء المدينة كانت لعمر.
وذكر ابن شبة في صدقات عمر بالمدينة، وغاير بينه وبين صدقته بخيبر، وأورد كتاب صدقته، وفيه: ثمغ بالمدينة، وسهمه من خيبر.
وروى عن عمرو بن سعيد بن معاذ، قال: سألنا عن أول من حبس في الإسلام، فقال قائل: صدقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا قول الأنصار، وقال المهاجرون: صدقة عمر، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أول ما قَدِم المدينة وجد أرضًا واسعةً بزهرة لأهل رابح وحسيكة، وقد كانوا أُجْلوا عن المدينة قبل مقدم النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وتركوا أرضًا واسعةً، منها براح، ومنها ما فيه واد لا يسقي، يقال له: الحشاشين، وأعطى عمر منها ثَمْغًا، واشترى عمر إلى ذلك من قوم من يهود، فكان مالًا معجبًا، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن لي مالًا، وإني أحبّه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "احبس أصله، وسَبِّل ثمرته".
فهذا كلّه صريح في كون ثمغ بالمدينة في شاميّها، فكأن في رواية الدارقطنيّ من تصرّف بعض الرواة، أو أن كلًّا من صدقتيه يسمى ثمغًا.
قال بعض المحقّقين: فالذي يتحصّل من جميع هذه الروايات أن ثمغًا كانت بالمدينة، وكان عمر -رضي الله عنه- تصدّق به، وبالمائة سهم بخيبر جميعًا، فاقتصر بعض الرواة على ثمغ، وبعضهم على أرضه بخيبر، وخلط بعضهم الأمرين، فجعلوا ثمغ من أراضي خيبر، والظاهر أن هذا وَهْمٌ منهم، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع: ومما يؤيّد ما تقدّم أن أهل اللغة تواردوا على جعلها من