١٩ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على جواز وقف المشاع؛ لأن المائة سهم التي كانت لعمر بخيبر لم تكن منقسمة.
٢٠ - (ومنها): أن فيه أنه لا سراية في الأرض الموقوفة، بخلاف العتق، ولم يُنقل أن الوقف سرى من حصّة عمر إلى غيرها من باقي الأرض.
وحكى بعض المتأخّرين، عن بعض الشافعيّة أنه حكم فيه بالسراية، وهو شاذّ منكر.
٢١ - (ومنها): أنه استدلّ به على أن خيبر فُتحت عنوة، وقد أشبعنا الكلام على هذا البحث في غير هذا الموضع.
٢٢ - (ومنها): أنه يستنبط منه صحّة الوقف على النفس، وهو قول ابن أبي ليلى، وأبي يوسف، وأحمد في الأرجح عنه، وقال به من المالكيّة ابن شعبان، وجمهورهم على المنع، إلا إذا استثنى لنفسه شيئًا يسيرًا، بحيث لا يتّهم أنه قصد حرمان ورثته، ومن الشافعيّة ابن سُريج، وطائفةٌ، وصنّف فيه محمد بن عبد الله الأنصاريّ، شيخ البخاريّ جزءًا ضخمًا، واستدلّ له بقصّة عمر هذه، وبقصّة راكب البَدَنة، وبحديث أنسّ -رضي الله عنه- في أنه -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفيّة، وجعل عتقها صداقها، ووجه الاستدلال به أنه أخرجها عن مُلكه بالعتق، وردّها إليه بالشرط، وقد تقدّم البحث فيه في "كتاب النكاح" مستوفًى، وبقصّة عثمان -رضي الله عنه- في بئر رومة، حيث قال له النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين … " الحديث، وهو صحيح.
واحتجّ المانعون بقوله في حديث عمر هذا:"سبّل الثمرة"، وتسبيل الثمرة تمليكه للغير، والإنسان لا يتمكّن من تمليك نفسه لنفسه.
وتُعُقّب بأن امتناع ذلك غير مستحيل، ومنعُه تمليكه لنفسه إنما هو لعدم الفائدة، والفائدة في الوقف حاصلة؛ لأن استحقاقه إياه مُلكًا غير استحقاقه إياه وقفًا، ولا سيّما إذا ذكر له مالًا آخر، فإنه حكم آخر، يستفاد من ذلك الوقف.
واحتجّوا أيضًا بأن الذي يدلّ عليه حديث الباب أن عمر اشترط لناظر وقفه أن يأكل منه بقدر عُمالته، ولذلك منعه أن يتّخذ لنفسه منه مالًا، فلو كان يؤخذ منه صحّة الوقف على النفس لم يمنعه من الاتخاذ، وكأنه اشترط لنفسه أمرًا لو سكت عنه لكان يستحقّه لقيامه، وهذا على أرجح قولي العلماء أن