للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالوا في لُصّ: لُصْتٌ، ونُقِل عن بعضهم التذكير والتأنيث، فيقال: هو الطَّسَّةُ، والطَّسْتُ، وهي: الطَّسَّةُ، والطَّسْتُ، وقال الزجاج: التأنيث أكثر كلام العرب، وجمعها: طَسَّاتٌ على لفظها، وقال السجستانيّ: هي أعجمية مُعَرَّبةٌ، ولهذا قال الأزهريّ: هي دخيلة في كلام العرب؛ لأن التاء والطاء لا يجتمعان في كلمة عربية. انتهى (١).

وإنما دعا -صلى الله عليه وسلم- بالطست؛ ليبول فيه، ففي رواية النسائيّ: "لقد دعا بالطست؛ ليبول فيه"، وعند الإسماعيليّ إنما دعا "ليتفُل فيها"، قال في "الفتح": ويمكن الجمع بينهما بأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دعا بالطست، ولم يُبيّن غرضه، فتردّدت عائشة -رضي الله عنها- أنه -صلى الله عليه وسلم- دعا ليبول فيها، أو ليتفُل فيها، فذكر بعض الرواة ما لم يذكره الآخر. انتهى.

قال الجامع: ويَحْتَمل أن يكون دعا للغرضين جميعًا؛ لأن تلك الحالة كثيرًا ما يصحبها هذان الأمران، فتأمل، والله تعالى أعلم.

(فَلَقَدِ انْخَنَثَ فِي حَجْرِي)؛ أي: مال -صلى الله عليه وسلم- إلى حجري؛ لاسترخاء أعضائه، ولفظ النسائيّ: "فانخنث نفسه"؛ أي: مالت نفسه الشريفة، وقال ابن الأثير رحمه الله؛ أي: انْكَسر، وانْثَنَى؛ لاسْتِرخاء أعضائه -صلى الله عليه وسلم- عند الموت. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ: وقولها "انخنث"؛ أي: مال؛ تعني: حين مات، والمخنَّث من الرجال: هو الذي يميل، ويتثنى تشبُّهًا بالنساء، واختناث السقاء: هو إمالةُ فمه بعضه على بعض، وتليينه؛ ليُشربَ منه (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: في هذا الحديث بيان صريح أنه -صلى الله عليه وسلم- مات في حجر عائشة -رضي الله عنها-، وأما ما أورده الحاكم، وابن سعد من بعض الروايات أنه -صلى الله عليه وسلم- توفّي في حجر عليّ بن أبي طالب، فإنها روايات ضعيفة لا تقوم بمثلها الحجة، ولا تخلو من راو ضعيف، أو شيعيّ، فلا يُعارَض بها ما ثبت في "الصحيحين"، فتبصّر بالإنصاف، ولا تتهوّر بتقليد ذوي الاعتساف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٧٢.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ٢/ ١٥٨.
(٣) "المفهم" ٤/ ٥٥٧.