للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنها، فقال: إن مائة نملة وزنُ حَبّة، والذّرّة واحدةٌ منها، وقيل: الذّرّة ليس لها وزن، ويُراد بها ما يُرَى في شُعاع الشمس الداخل في النافذة. انتهى (١).

وقال في "القاموس": الذَّرُّ: صغار النّمل، ومائة منها زِنَةُ حَبَّةِ شَعير. انتهى (٢).

يعني: أنه وقع اختلاف بين راويي صفوان بن سُليم، وهما: أبو علقمة الفَرْويّ، وعبد العزيز الدراورديّ، فقال الأول: "لا تَدَع أحدًا في قلبه مثقال حبّة من إيمان"، وقال الثاني: "لا تَدَع أحدًا في قلبه مثقال ذَرّة من إيمان".

وقوله: (مِنْ إِيمَانٍ) بيان لـ "مِثْقالُ"، قال النوويّ: فيه بيانٌ للمذهب الصحيح أن الإيمان يزيد وينقص. انتهى.

(إِلَّا قَبَضَتْهُ") أي قبضت روحه، أي بواسطة ملك الموت، فلا تنافي بينه وبين قوله عز وجل: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام: ٦١].

وقال القرطبيّ: قبض الإيمان في هذا الحديث هو بقبض أهله، كما جاء في حديث ابن عمرو، وقال فيه: "ثم يُرسل الله ريحًا باردةً من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرّة من خير، أو إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كَبِد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه - قال -: فيبقى شرار الناس في خِفّة الطير، وأحلام السباع" (٣). انتهى كلام القرطبيّ (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "وقبض الإيمان في هذا الحديث … إلخ " هكذا ذكر القرطبيّ هذا التأويل، ولا حاجة إليه؛ لأنه مبنيّ على جعل الضمير "قبضته" عائدًا إلى "إيمان"، وليس كذلك، بل هو عائد على "أحد" من قوله: "فلا تدع أحدًا"، وهذا ظاهر لا يحتاج إلى تأمّل، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قد جاءت في هذا النوع أحاديث كثيرة:

(فمنها): ما أخرجه المصنّف من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت


(١) "النهاية" ٢/ ١٥٧.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٣٥٧.
(٣) سيأتي هذا الحديث للمصنّف في "كتاب الفتن" برقم (٢٩٤٠).
(٤) "المفهم" ١/ ٣٢٥.