للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يذهب الليل والنهار، حتى تعبد اللات والعزى"، فقلت: يا رسول الله، إن كنت لأظن حين أنزل الله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (٣٣)} [التوبة: ٣٣] أن ذلك تامًّا، قال: "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحًا طيبةً، فتوفى كلَّ من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم".

(ومنها): ما أخرجه أيضًا من حديث النوّاس بن سمعان من حديث الدجال الطويل، وفيه: "فبينما هم كذلك، إذ بعث الله ريحًا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن، وكل مسلم، ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة".

(ومنها): ما أخرجه أيضًا من حديث أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله".

(ومنها): ما أخرجه البخاريّ من حديث مِرْداس الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يذهب الصالحون، الأول فالأول، ويبقى حُفَالة كحُفَالة الشعير (١)، أو التمر، لا يباليهم الله بالةً".

(ومنها): ما أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مِن شرار الناس مَن تُدركهم الساعة، وهم أحياء".

وهذه الأحاديث كلها وما في معناها تدلّ على أن الصالحين سيُقبضون شيئًا فشيئًا، حتى يكونوا في آخر الزمان قلّةً، فتأتي الريح اللينة، فتقبضهم، فتقوم الساعة على شرار الناس، والله تعالى أعلم.

[فإن قلت]: كيف تجمع بين هذه الأحاديث، وبين حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنها - قال: سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تزال طائفة من أمتي، يقاتلون على الحقّ، ظاهرين إلى يوم القيامة".

وحديث معاوية - رضي الله عنه - مرفوعًا: "ولن تزال هذه الأمة قائمةً على أمر الله،


(١) "الْحُفَالة" بالضم: الرديء من كلّ شيء.