للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي في المسألة الرابعة تحقيق الخلاف، وترجيح القول بوجوب الكفّارة في نذر المعصية؛ لصحة الحديث بذلك خلاف ما قاله القرطبيّ، فتنبّه.

٣ - (ومنها): ما قال القرطبيّ رحمه الله: إن فيه حجَّةً على أنَّ ما وُجِد من أموال المسلمين بأيدي الكفار، وغَلَبوا عليه، وعُرف مالكه؛ أنَّه له دون آخذه، وفيه مُستروحٌ لقول من يقول: إن الكفار لا يملكون، وقد تقدَّم الكلام في ذلك. انتهى (١).

٤ - (ومنها): جواز سفر المرأة وحدها، بلا زوج، ولا محرم، ولا غيرهما، إذا كان سفر ضرورة؛ كالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكالْهَرَب ممن يريد منها فاحشةً، ونحو ذلك، والنهي عن سفرها وحدها محمول على غير الضرورة، قاله النوويّ رحمه الله (٢).

٥ - (ومنها): ما قاله النوويّ أيضًا: في هذا الحديث دلالةٌ لمذهب الشافعيّ وموافقيه أن الكفار إذا غَنِموا مالًا للمسلم لا يملكونه، وقال أبو حنيفة، وآخرون: يملكونه إذا حازوه إلى دار الحرب، وحجة الشافعيّ وموافقيه هذا الحديث، وموضع الدلالة منه ظاهر، والله أعلم. انتهى (٣).

٦ - (ومنها): أنه استُدلّ بهذا الحديث على صحّة النذر في المباح؛ لأنَّ فيه نفي النذر في المعصية، فبقي ما عداه ثابتًا.

واحتجّ من قال: إنه يُشرع في المباح بما أخرجه أبو داود، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، وأخرجه أحمد، والترمذيّ من حديث بُريدة -رضي الله عنه-: أن امرأةً قالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدّفّ، فقال: "أوف بنذرك"، وزاد في حديث بُريدة أن ذلك وقت خروجه في غزوة، فنذرت إن ردّه الله تعالى سالمًا، قال البيهقيّ: يُشبه أن يكون أذن لها في ذلك لِمَا فيه من إظهار الفرح بالسلامة، ولا يلزم من ذلك القول بانعقاد النذر به، ويدلّ على أنَّ النذر لا ينعقد في المباح ما أخرجه البخاريّ (٦٧٠٤)


(١) "المفهم" ٤/ ٦١٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٠٢.
(٣) "شرح النوويّ" ١١/ ١٠٢.