للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

برجل قائم، فسأل عنه؟، فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم في الشمس، ولا يستظلّ، ولا يتكلّم، ويصوم، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "مروه، فليجلس، وليستظلّ، وليتكلّم، وليُتمّ صومه"، رواه البخاريّ. وعن أنس -رضي الله عنه- قال: نذرت امرأة أن تمشي إلى بيت الله الحرام، فسئل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ فقال: "إن الله لغنيّ عن مشيها، مروها فلتركب"، قال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح، ولم يأمر بكفّارة. وأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا يُهادى بين اثنين، فسأل عنه؟ فقالوا: نذر أن يحجّ ماشيًا، فقال: "إن الله لغنيّ عن تعذيب هذا نفسه، مروه فليركب". متّفقٌ عليه، ولم يأمره بكفّارة، ولأنه نذرٌ غير موجب لفعل ما نذره، فلم يوجب كفّارةً؛ كنذر المستحيل.

قال: ولنا ما تقدّم في القسم الذي قبله، فأما حديث التي نذرت المشي، فقد أمر فيه بالكفَّارة في حديث آخر، ففيه زيادة عند أبي داود، ولفظه: "مروها، فلتركب، ولتكفّر عن يمينها" (١)، وهذه زيادة يجب الأخذ بها، ويجوز أن يكون الراوي للحديث روى البعض، وترك البعض، أو يكون النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ترك ذكر الكفّارة في بعض الحديث إحالةً على ما عُلم من حديثه في موضع آخر.

ومن هذا القسم إذا نذر فعل مكروه؛ كطلاق امرأته، فإنه مكروه، بدليل قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" (٢)، فالمستحبّ أن لا يفي، ويكفّر، فإن وفى بنذره، فلا كفّارة عليه، والخلاف فيه كالذي قبله.

(القسم السادس): نذر الواجب؛ كالصلاة المكتوبة، فقال أصحابنا: لا ينعقد نذره، وهو قول أصحاب الشافعيّ؛ لأنَّ النذر التزامٌ، ولا يصحّ التزام ما هو لازم له، ويَحْتَمِل أن ينعقد نذره موجبًا كفّارة يمين إن تركه، كما لو حلف على فعله، فإن النذر كاليمين، وقد سمّاه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يمينًا، وكذلك لو نذر معصيةً، أو مباحًا، لو يلزمه، ويكفّر إذا لم يفعله.

(القسم السابع): نذر المستحيل؛ كصوم أمس، فهذا لا ينعقد، ولا


(١) ضعيف بهذا اللفظ؛ لأن في سنده شريكًا القاضي، وإنما الصحيح بلفظ: "ولتُهد هديًا"، أو "ولتُهد بدنة"، فتنبّه.
(٢) رواه أبو داود، وابن ماجه، وهو حديث ضعيف، ومنهم من حسّنه؛ لطرقه.