للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وافق عمران القطّان عن حميد الجماعة على إدخال ثابت بينه وبين أنس -رضي الله عنه-، ولكن خالفهم في المتن، أخرجه الترمذيّ من طريقه، بلفظ: نذرت امرأةٌ أن تمشي إلى بيت الله، فسُئل نبيّ الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟، فقال: "إن الله لغنيّ عن مشيها، مروها فلتركب". انتهى (١).

(عَنْ أَنَسٍ) -رضي الله عنه- (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَأَىَ شَيْخًا) رأى رجلًا (يُهَادَى) -بضمّ أوله- من المهاداة، وهو أن يمشي مُعتمِدًا على غيره؛ لضعفه عن المشي بنفسه، وللترمذيّ من طريق خالد بن الحارث، عن حميد: "يتهادى" بفتح أوله، ثم مثناة (بَيْنَ ابْنَيْهِ) وفي رواية للنسائيّ: "بين رجلين"، وفي حديث أبي هريرة التالي: "أدرك شيخًا يمشي بين ابنيه، يتوكَّأ عليهما"، ولفظ ابن حبّان: "بين اثنين".

قال الحافظ رحمه الله: لم أقف على اسم هذا الشيخ، ولا على اسم ابنيه، وقرأت بخطّ مغلطاي: الرجل الذي يُهادي، قال الخطيب: هو أبو إسرائيل، كذا قال، وتبعه ابن الملقّن، وليس ذلك في كتاب الخطيب، وإنما أورده من حديث مالك، عن حميد بن قيس وثور، أنهما أخبراه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلًا قائمًا في الشمس، فقال: "ما بال هذا؟ "، قالوا: أبو إسرائيل نذر أن لا يستظل، ولا يتكلَّم، ويصوم … الحديث. قال الخطيب: هذا الرجل هو أبو إسرائيل، ثم ساق حديث عكرمة، عن ابن عبّاس -صلى الله عليه وسلم- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب يوم الجمعة، فرأى رجلًا يقال له: أبو إسرائيل، فقال: "ما باله؟ "، قالوا: نذر أن يصوم، ويقوم في الشمس، ولا يتكلّم … الحديث، وهذا الحديث أخرجه البخاريّ من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، والمغايرة بينه وبين حديث أنس -رضي الله عنه- ظاهرة من عدّة أوجه، فيحتاج من وحّد بين القصّتين إلى مُسْتنَد، والله المستعان. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (٢)، وهو تحقيق حسن.

(فَقَالَ: "مَا بَالُ هَذَا؟ " أي: أيّ شيء شأنه، وحاله، وفي حديث أبي هريرة: "ما شأن هذا؟ " (قَالُوا) في حديث أبي هريرة التالي بيان القائل، وهما


(١) "الفتح" ٥/ ١٧١، كتاب "جزاء الصيد" رقم (١٨٦٥).
(٢) "الفتح" ٥/ ١٧١ - ١٧٢ رقم (١٨٦٥).