قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "من آثر الشيءَ … إلخ" فيه نظر لا يخفى؛ لأنَّ آثر الشيء رباعيّ، واسم فاعله مؤثر، كما ذكره في كلامه، وليس آثرًا، فإنه اسم فاعل، من أَثَرَ الخبر: إذا نقله، وليس بمعنى اختاره.
والحاصل أن هذا المعنى الذي ذكره العراقيّ، وكذا الاحتمال الذي بعده، لا يخفى بُعدهما، فالأولى ما تقدّم من تفسير "آثرًا" بمعنى ناقلًا عن غيري، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
قال العراقيّ أيضًا: وَيَحْتَمِل أن يرجع قوله: "آثرًا" إلى معنى التفاخر بالآباء في الإكرام لهم، ومنه قولهم: مَأثرة، ومآثر، وهو ما يُرْوَى من المفاخر، فكأنه قال: ما حلفت بآبائي ذاكرًا لمآثرهم، وجَوَّز في قوله:"ذاكرًا" أن يكون من الذُّكْر بضم المعجمة، كأنه احترز عن أن يكون ينطق بها ناسيًا، وهو يناسب تفسير آثرًا بالاختيار، كأنه قال: لا عامدًا، ولا مختارًا.
وجزم ابن التين في "شرحه" بأنه من الذِّكْر بالكسر، لا بالضم، قال: وإنَّما هو لم أقله من قِبَلِ نفسي، ولا حَدَّثت به عن غيري أنه حَلَف به، قال: وقال الداوديّ: يريد ما حلفت بها، ولا ذكرت حَلْفَ غيري بها، كقوله: إن فلانًا قال: وحَقِّ أبي مثلًا.
واستُشْكِل أيضًا أن كلام عمر المذكور يقتضي أنه تورع عن النطق بذلك مطلقًا، فكيف نطق به في هذه القصَّة؟.
وأجيب بأنه اغتُفِر ذلك لضرورة التبليغ. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١/ ٤٢٤٦ و ٤٢٤٧ و ٤٢٤٨ و ٤٢٤٩ و ٤٢٥٠ و ٤٢٥١](١٦٤٦)، و (البخاريّ) في "الشهادات"(٢٦٧٩) و"الأيمان والنذور"