للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ نَسْتَحْمِلُهُ)؛ أي: نطلب منه ما يحملنا من الإبل، ويَحمل أثقالنا (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("وَاللهِ لَا أَحْمِلُكُمْ) إنما قال هذا القول المؤكّد؛ لأنهم أتوه في وقت غضبه، كما سيأتي قول أبي موسى: "ووافقته، وهو غضبان، ولا أشعر وقال القرطبيّ رحمه الله: فيه جواز اليمين عند المنع، وردّ السائل الملْحِف عند تعذّر الإسعاف، وتأديبه بنوع من الإغلاظ بالقول (وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" أي: ليس عندي شيء من الإبل أحملكم عليه، وإنما ذكر -صلى الله عليه وسلم- هذه الجملة -والله أعلم- اعتذارًا، وبيانًا لسبب حلفه (قَالَ) أبو موسى -رضي الله عنه- (فَلَبِثْنَا مَا شَاء اللهُ)؛ أي: من الوقت، وفي الرواية التالية: "فلم ألبث إلَّا سُويعةً" (ثمَّ أُتيَ بِإِبِلٍ) بكسر الهمزة، والموحّدة: اسم جمع لا واحد لها، وهي مؤنثة؛ لأنَّ اسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه إذا كان لِمَا لا يعقل يلزمه التأنيث، وتدخله الهاء إذا صُغِّر، نحو أُبَيْلَةٍ، وغُنيمة، وسُمع إسكان الباء للتخفيف، ومن التأنيث وإسكان الباء قول أبي النّجم:

والإِبْلُ لا تَصْلُح للبُسْتانِ … وحنَّتِ الإِبْلُ إلى الأوطانِ

والجمع: آبالٌ، وأَبيلٌ، وِزَانُ عبيد، وإذا ثُنِّي، أو جُمع، فالمراد قَطِيعان، أو قَطِيعات، وكذلك أسماء الجموع، نحو أبقار، وأغنام، والإِبلُ بناءٌ نادرٌ، قال سيبويه: لم يجئ على فِعِل بكسر الفاء والعين من الأسماء إلَّا حرفان: إبل، وحِبر، وهو القَلَح، ومن الصفات إلَّا حرف، وهي امرأة بِلْزٌ، وهي الضخمة، وبعض الأئمة يذكر ألفاظًا غير ذلك، لم يثبت نقلها عن سيبويه، ذكره الفيّوميّ رحمه الله (١).

[تنبيه]: رواية مسلم بلفظ "إبل"، ووقع في بعض الرواية عند البخاريّ بلفظ: "بشائل"، قال في "الفتح": قوله: "فأتي بإبل"، كذا للأكثر، ووقع هنا في رواية الأصيليّ، وكذا لأبي ذرّ عن السرخسيّ، والمستملي: "بشائل" -بعد الموحَّدة شين معجمة، وبعد الألف تحتانية مهموزة، ثم لام- قال ابن بطال (٢): إن صحت، فأظنها شوائل، كأنه ظنّ أن لفظ "شائل" خاصّ بالمفرد،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢.
(٢) "شرح ابن بطال على البخاري" ٦/ ١٨٥.